أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُسَامَةَ الْكَلْبِيُّ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، ثنا ابْنُ أَبِي لَيْلَى ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ مِقْسَمٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : " بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ يُنَاجِيهِ ، إِذِ انْشَقَّ أُفُقُ السَّمَاءِ فَأَقْبَلَ جِبْرِيلُ يَتَضَاءَلَ ، وَيَدْخُلُ بَعْضُهُ فِي بَعْضِهِ ، وَيَدْنُو مِنَ الأَرْضِ ، فَإِذَا مَلَكٌ قَدْ مَثُلَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ! إِنَّ رَبَّكَ يُقْرِئُكَ السَّلامَ ، وَيُخَيِّرُكَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ نَبِيًّا مَلَكًا ، وَبَيْنَ أَنْ تَكُونَ نَبِيًّا عَبْدًا ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَأَشَارَ جِبْرِيلُ إِلَيَّ بِيَدِهِ أَنْ تَوَاضَعْ , فَعَرَفْتُ أَنَّهُ نَاصِحٌ ، فَقُلْتُ لَهُ : عَبْدًا نَبِيًّا ، فعَرَجَ ذَلِكَ الْمَلَكُ إِلَى السَّمَاءِ ، فَقُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ ! قَدْ كُنْتَ أَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ هَذَا فَرَأَيْتُ مِنْ حَالِكَ مَا شَغَلَنِي عَنِ الْمَسْأَلَةِ ، فَمَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ : هَذَا إِسْرَافِيلُ خَلْقهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلْقَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، صَافِنًا قَدْمَيْهِ ، لا يَرْفَعُ طَرْفَهُ ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّبِّ سَبْعُونَ نُورًا ، مَا مِنْهَا نُورٌ يَدْنُو مِنْهُ إِلا احْتَرَقَ ، بَيْنَ يَدَيْهِ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ ، فَإِذَا أَذِنَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ ، أَوْ فِي الأَرْضِ ، ارْتَفَعَ ذَلِكَ اللَّوْحُ يَظْرِبُ جَبِينَهُ ، فَيَنْظُرُ فِيهِ ، فَإِنْ كَانَ مِنْ عَمَلِي أَمَرَنِي بِهِ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ عَمَلِ مِيكَائِيلَ أَمَرَهُ بِهِ ، قُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ ، عَلَى أَيِّ شَيْءٍ أَنْتَ ؟ قَالَ : عَلَى الرِّيَاحِ وَالْجُنُودِ ، قُلْتُ : عَلَى أَيِّ شَيْءٍ مِيكَائِيلُ ؟ قَالَ : عَلَى النَّبَاتِ ، قُلْتُ : عَلَى أَيِّ شَيْءٍ مَلَكُ الْمَوْتِ ؟ قَالَ : عَلَى قَبْضِ الأَنْفُسِ ، وَمَا ظَنَنْتُ أَنَّهُ هَبَطَ إِلا بِقِيَامِ السَّاعَةِ ، وَمَا ذَاكَ الَّذِي رَأَيْتَ مِنِّي إِلا خَوْفًا مِنْ قِيَامِ السَّاعَةِ ، قَوْلُهُ : بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّبِّ سَبْعُونَ نُورًا : يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بَيْنَهُ ، وَبَيْنَ عَرْشِ الرَّبِّ " .