وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بَزُرْجٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي إِلا ضَعْفَ الْيَقِينِ " ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ بِشْرٍ الْمَرْثَدِيُّ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بَزُرْجٍ . . . فَذَكَرَهُ ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَفَاوُتِهِمْ فِي الْيَقِينِ ، أَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ سورة المائدة آية 3 ، وَمَا وَرَدَ فِي مَعْنَاهُ ، فَإِنَّهُ لا يَمْنَعُ مِنْ قَوْلِنَا بِزِيَادَةِ الإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ ، لأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ سورة المائدة آية 3 ، أَيْ أَكْمَلْتُ لَكُمْ وَضْعَهُ ، فَلا أَفْرُضُ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدُ مَا لَمْ أَفْرُضْهُ عَلَيْكُمْ إِلَى الْيَوْمِ ، وَلا أَضَعُ عَنْكُمْ بَعْدَ الْيَوْمِ مَا قَدْ فَرَضْتُهُ قَبْلَ الْيَوْمِ ، فَلا تَغْلِيظَ مِنَ الآنَ وَلا تَخْفِيفَ ، وَلا نَسْخَ وَلا تَبْدِيلَ ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَكْمَلَ لَنَا دِينَنَا مِنْ قَبْلِ أَفْعَالِنَا ، لأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَسَقَطَ عَنِ الْمُخَاطَبِينَ بِالآيَةِ الدَّوَامُ عَلَى الإِيمَانِ ، لأَنَّ الدِّينَ قَدْ كَمُلَ ، وَلَيْسَ بَعْدَ الْكَمَالِ شَيْءٌ ، فَإِذَا كَانَ الدَّوَامُ عَلَى الإِيمَانِ مُسْتَقْبَلا وَهُوَ إِيمَانٌ فَلِذَلِكَ الطَّاعَاتُ الْبَاقِيَةُ الَّتِي تَجِبُ شَيْئًا فَشَيْئًا كُلُّهَا إِيمَانٌ ، وَالْكَمَالُ رَاجِعٌ إِلَى إِكْمَالِ الشَّرْعِ وَالْوَضْعِ ، لا إِلَى إِكْمَالِ أَدَاءِ الْمُؤَدِّينَ لَهُ وَقِيَامِ الْقَائِمِينَ بِهِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .