Progress Donasi Kebutuhan Server — Your Donation Urgently Needed — هذا الموقع بحاجة ماسة إلى تبرعاتكم
Rp 1.500.000 dari target Rp 10.000.000
وَهُوَ الْحَاسِمُ-: عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَإِنَّ الْمَسْجِدَ النَّبَوِيَّ مِنْ وَقْتِ نُزُولِ الْوَحْيِ إِلَى زَمَنِ مَالِكٍ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ وَالْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَالْأُمَرَاءُ وَصَلَّى وَرَاءَهُمُ الصَّحَابَةُ وَأَهْلُ الْعِلْمِ وَلَمْ يُسْمَعْ أَحَدٌ قَرَأَ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ، وَهَلْ يَقُولُ عَالِمٌ إِنَّ بَعْضَ السُّورَةِ جَهْرٌ وَبَعْضَهَا سِرٌّ، فَقَدْ حَصَلَ التَّوَاتُرُ بِأَنَّ النَّبِيءَ وَالْخُلَفَاءَ لَمْ يَجْهَرُوا بِهَا فِي الْجَهْرِيَّةِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ السُّورَةِ وَلَوْ جَهَرُوا بِهَا لَمَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهَا.
وَهُنَاكَ دَلِيلٌ آخَرُ لَمْ يَذْكُرُوهُ هُنَا وَهُوَ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ مُعْتَبَرٌ مَرْفُوعا إِلَى النَّبِي، وَذَلِكَ
قَوْلُهُ: «فَفَجِئَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ: اقْرَأْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ- إِلَى أَنْ قَالَ- فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ قَالَ: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ
١ الْحَدِيثَ. فَلَمْ يَقُلْ فَقَالَ لِي بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ، وَقَدْ ذَكَرُوا هَذَا فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْعَلَقِ وَفِي شَرْحِ حَدِيثِ بَدْءِ الْوَحْيِ.
وَأَمَّا الْمَسْلَكُ الثَّالِثُ وَهُوَ الِاسْتِدْلَالُ مِنْ طَرِيقِ الِاسْتِعْمَالِ الْعَرَبِيِّ فَيَأْتِي الْقَوْلُ فِيهِ عَلَى مُرَاعَاةِ قَوْلِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْبَسْمَلَةَ آيَةٌ مِنْ سُورَةِ الْفَاتِحَةِ خَاصَّةً، وَذَلِكَ يُوجِبُ أَنْ يَتَكَرَّرَ لَفْظَانِ وَهُمَا الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فِي كَلَامٍ غَيْرِ طَوِيلٍ لَيْسَ بَيْنَهُمَا فَصْلٌ كَثِيرٌ وَذَلِكَ مِمَّا لَا يُحْمَدُ فِي بَابِ الْبَلَاغَةِ، وَهَذَا الِاسْتِدْلَالُ نَقَلَهُ الْإِمَامُ الرَّازِيُّ فِي «تَفْسِيرِهِ» وَأَجَابَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: إِنَّ التَّكْرَارَ لِأَجْلِ التَّأْكِيدِ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ وَإِنَّ تَأْكِيدَ كَوْنِهِ تَعَالَى رَحْمَانًا رَحِيمًا مِنْ أَعْظَمِ الْمُهِمَّاتِ. وَأَنَا أَدْفَعُ جَوَابَهُ بِأَنَّ التَّكْرَارَ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ مَوَاقِعُ مَحْمُودَةٌ فِي الْكَلَامِ الْبَلِيغِ مِثْلَ التَّهْوِيلِ، وَمَقَامِ الرِّثَاءِ أَوِ التَّعْدِيدِ أَوِ التَّوْكِيدِ اللَّفْظِيِّ، إِلَّا أَنَّ الْفَاتِحَةَ لَا مُنَاسَبَةَ لَهَا بِأَغْرَاضِ التَّكْرِيرِ وَلَا سِيَّمَا التَّوْكِيدُ لِأَنَّهُ لَا مُنْكِرَ لِكَوْنِهِ تَعَالَى رَحْمَانًا رَحِيمًا، وَلِأَنَّ شَأْنَ التَّوْكِيدِ اللَّفْظِيِّ أَنْ يَقْتَرِنَ فِيهِ اللَّفْظَانِ بِلَا فَصْلٍ فَتَعَيَّنَ أَنَّهُ تَكْرِيرُ اللَّفْظِ فِي الْكَلَامِ لِوُجُودِ مُقْتَضَى التَّعْبِيرِ عَنْ مَدْلُولِهِ بِطَرِيقِ الِاسْمِ الظَّاهِرِ دُونَ الضَّمِيرِ، وَذَلِكَ مَشْرُوطٌ بِأَنْ يَبْعُدَ مَا بَيْنَ الْمُكَرَّرَيْنِ بُعْدًا يُقْصِيهِ عَنِ السَّمْعِ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُمْ عَدُّوا فِي فَصَاحَةِ الْكَلَامِ خُلُوصَهُ مِنْ كَثْرَةِ التَّكْرَارِ، وَالْقُرْبِ بَيْنَ الرَّحْمَنِ وَالرَّحِيمِ حِينَ كُرِّرَا يَمْنَعُ ذَلِكَ.
وَأَجَابَ الْبَيْضَاوِيُّ بِأَنَّ نُكْتَةَ التَّكْرِيرِ هُنَا هِيَ تَعْلِيلُ اسْتِحْقَاقِ الْحَمْدِ، فَقَالَ السَّلَكُوتِيُّ
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّ الْبَسْمَلَةَ لَوْ كَانَتْ مِنَ الْفَاتِحَةِ لَلَزِمَ التَّكْرَارُ وَهُوَ جَوَابٌ لَا يَسْتَقِيمُ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ التَّعْلِيلُ قَاضِيًا بِذِكْرِ صِفَتَيِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فَدَفْعُ التَّكْرِيرِ يَقْتَضِي تَجْرِيدَ الْبَسْمَلَةِ