فكيف تركتم هاتين الجهتين ولكم فيهما مستمسك وتوجهتم إلى جهة ارتضاها اليهود الملاعنين للتنكيل بإلهكم كما زعمتم؟!.
ولو كنتم ذوي نظر وعبر لكانت هذه الجهة حرية عندكم بالمقت / (1/31/أ) فإنها الجهة التي هلك فيها معبودكم وقبلت دم ربّكم.
وأخبرونا عن توجه هذا المصلوب إلى هذه الجهة أكان في ذلك طائعاً أو كارهاً؟! فإن كان كارهاً لم يكن لكم أن تصلوا إلى جهةٍ لم يخترها صاحبكم ولم يرضها وإنما حُمِل عليها مجبراً، وإن كان قد توجه إليها طائعاً راضياً، فَلِمَ تلعنون 1 اليهود الذين صلبوه وتكفرونهم 2 والذي فعلوه به إعانة له ومساهمة في حصول محبوبه وقرة عينه، ولاسيما أنهم نهجوا لكم قبلة تصلّون إليها؟! فتحننوا الآن على اليهود وتبركوا بهم إذاً، إذ كانوا قد فعلوا ما هو قرّة عينكم وعين صاحبكم.
وكذلك يهوذا الإسخريوطي3 الذي ارتشى عليه وألقاه في أيدي اليهود حتى قتلوه وصلبوه بزعمكم فصلّوا عليه وترحموا وتبركوا باسمه وصَوِّبُوا فعله، فإنه صار وسيلة إلا خلاصكم، وإذ قلتم: إن أسلافكم في دركات النيران ولا خلاص لهم من ذلك إلاّ بقتل ربكم، وإنما قتل وصلب بدلالته وبركة سفارته