قال: " فرأيت الرجل يلصق منكبه بمنكب صاحبه، وركبته بركبة صاحبه، وكعبه
بكعبه ".
قلت: وسنده صحيح، وعلقه البخاري مجزوما به، ووصله ابن خزيمة أيضا في
" صحيحه " كما في " الترغيب " (١ / ١٧٦) و " الفتح " (٢ / ١٧٦) .
ثم رواه الدولابي من طريق بقية بن الوليد، حدثنا حريز قال: سمعت غيلان
المقرىء يحدث عن أبي قتيلة مرثد بن وداعة (قال: سمعت) النعمان بن بشير
يقول: فذكره.
وهذا سند لا بأس به في المتابعات، ورجاله ثقات غير غيلان المقرىء،
ولعله غيلان بن أنس الكلبي مولاهم الدمشقي، فإن يكن هو، فهو مجهول الحال،
روى عنه جماعة، وقال الحافظ: إنه مقبول.
فقه الحديث:
وفي هذين الحديثين فوائد هامة:
الأولى: وجوب إقامة الصفوف وتسويتها والتراص فيها، للأمر بذلك، والأصل
فيه الوجوب إلا لقرينة، كما هو مقرر في الأصول، والقرينة هنا تؤكد الوجوب
وهو قوله صلى الله عليه وسلم: " أو ليخالفن الله بين قلوبكم ". فإن مثل هذا
التهديد لا يقال فيما ليس بواجب، كما لا يخفى.
الثانية: أن التسوية المذكورة إنما تكون بلصق المنكب بالمنكب، وحافة القدم
بالقدم، لأن هذا هو الذي فعله الصحابة رضي الله عنهم حين أمروا بإقامة الصفوف