ومن الغرائب
أن هذه الطريق مع صحتها أغفلها كل من خرج الحديث من المتأخرين كالزيلعي،
وابن حجر، وغيرهما ممن ليس مختصا في التخريج، بل أغفله أيضا الحافظ الهيثمي
فلم يورده في " مجمع الزوائد " مع أنه على شرطه! وهذا كله مصداق قول القائل:
" كم ترك الأول للآخر ". وهو دليل واضح على أهمية الرجوع إلى الأمهات عند
إرادة التحقيق في حديث ما، فإنه سيجد فيها ما يجعل بحثه أقرب ما يكون نضجا
وصوابا. والله تعالى هو الموفق.
وإذا عرفت هذا فلا تغتر بقول الحافظ ابن حجر في " الدراية " (ص ٧) في حديث
ابن عباس هذا:
" أخرجه الدارقطني واختلف في وصله وإرساله والراجح إرساله ".
فإنه يعني الطريق الأولى، وقد عرفت أن الصواب وصله، وأنه صحيح لولا عنعنة
ابن جريج، على أنه قد عرفت الجواب عنها.
٥ - وأما حديث عائشة، فأخرجه الدارقطني (ص ٣٧) عن محمد بن الأزهر الجوزجاني
أنبأنا الفضل بن موسى السيناني، عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن الزهري
عن عروة عنها. وقال: " كذا قال، والمرسل أصح ".
يعني ابن جريج عن سليمان مرسلا كما تقدم في الطريق الأولى عن ابن عباس، ومحمد
بن الأزهر قال الحافظ في " التلخيص " (٣٣) : " كذبه أحمد ".