علم الكلام (التوحيد) يبحث في الاعتقاديات، وعلم الأخلاق والتصوف كالزهد والصبر والرضا وحضور القلب في الصلاة ونحوها، يبحث في الوجدانيات. وأما الفقه المعروف حالياً فموضوعه أصبح مقصوراً على معرفة ما للنفس وما عليها من الأحكام العملية، وعندئذ زاد الحنفية في التعريف كلمة (عملاً) لتخرج الاعتقاديات والوجدانيات.
- وعرف الشافعي رحمه الله الفقه بالتعريف المشهور بعده عند العلماء بأنه: العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية (١).
- والمقصود بالعلم هنا: هو الإدراك مطلقاً الذي يتناول اليقين والظن؛ لأن الأحكام العملية قد تثبت بدليل قطعي يقيني، كما تثبت غالباً بدليل ظني.
- والأحكام: جمع حكم، وهو مطلوب الشارع الحكيم، أو هو خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين اقتضاء أو تخييراً أو وضعاً. والمراد بالخطاب عند الفقهاء: هو الأثر المترتب عليه، كإيجاب الصلاة، وتحريم القتل، وإباحة الأكل، واشتراط الوضوء للصلاة.
- واحترز بعبارة (العلم بالأحكام) عن العلم بالذوات والصفات والأفعال.
- و (الشرعية): المأخوذة من الشرع، فيحترز بها عن الأحكام الحسية مثل: الشمس المشرقة، والأحكام العقلية مثل: الواحد نصف الاثنين، والكل أعظم من الجزء، والأحكام اللغوية أو الوضعية، مثل: الفاعل مرفوع، أو نسبة أمر إلى آخر إيجاباً أو سلباً مثل زيد قائم، أو غير قائم.
- و (العملية): المتعلقة بالعمل القلبي كالنية، أو غير القلبي مما يمارسه الإنسان مثل القراءة والصلاة ونحوها من عمل الجوارح الباطنة والظاهرة. والمراد أن أكثرها
(١) شرح جمع الجوامع للمحلي: ٣٢/ ١ ومابعدها، شرح الإسنوي:٢٤/ ١، شرح العضد لمختصر ابن الحاجب: ١٨/ ١، مرآة الأصول: ٥٠/ ١، المدخل إلى مذهب أحمد: ص٥٨.