أخبار الذي بعثه، أخذاً من قول العرب: " جاءت الإبلُ رَسَلاً " أي: متتابعة.
وعلى ذلك فالرُّسل إنّما سمّوا بذلك لأنَّهم وُجّهوا من قبل الله تعالى: (ثُمَّ أرسلنا رسلنا تتراً) المؤمنون: ٤٤ ، وهم مبعوثون برسالة معينة مُكلَّفون بحملها وتبليغها ومتابعتها.
المطلب الثالث
الفرق بين الرسول والنبيّ
لا يصحُّ قول من ذهب إلى أنه لا فرق بين الرسول والنبيّ، ويدلُّ على بطلان هذا القول ما ورد في عدة الأنبياء والرسل، فقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أنَّ عدة الأنبياء مائة وأربعة وعشرون ألف نبي، وعدَّة الرسل ثلاثمائة وبضعة عشر رسولاً (١) ، ويدلّ على الفرق أيضاً ما ورد في كتاب الله من عطف النبيِّ على الرسول (وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ ولا نبي إلاَّ إذا تمنَّى ألقى الشَّيطان في أُمنيَّته) الحج: ٥٢ ، ووصف بعض رسله بالنبوة والرسالة مما يدُل على أن الرسالة أمر زائد على النبوة، كقوله في حقِّ موسى عليه السلام: (واذكر في الكتاب موسى إنَّه كان مخلصاً وكان رسولاً نبيَّاً) مريم: ٥١ .
والشائع عند العلماء أنَّ النبي أعم من الرسول، فالرسول هو من أُوحي إليه بشرع وأُمر بتبليغه، والنبيُّ من أوحي إليه ولم يؤمر بالبلاغ، وعلى ذلك فكلُّ رسول نبي، وليس كل نبي رسولاً (٢) .
وهذا الذي ذكروه هنا بعيد لأمور:
الأول: أن الله نصَّ على أنه أرسل الأنبياء كما أرسل الرسل في قوله: (وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ ولا نبي ... ) الحج: ٥٢ ، فإذا كان الفارق بينهما هو الأمر بالبلاغ فالإرسال يقتضي من النبيّ البلاغ.
الثاني: أنَّ ترك البلاغ كتمان لوحي الله تعالى، والله لا ينزل وحيه ليكتم ويدفن في صدر واحد من الناس، ثمَّ يموت هذا العلم بموته.
(١) حديث صحيح رواه أحمد في مسنده حديث رقم: (٢١٥٤٦، ٢١٥٥٢) طبعة الرسالة.
(٢) شرح العقيدة الطحاوية: (١٦٧) ، لوامع الأنوار البهية: (١/٤٩) ، وانظر كلام الشيخ ناصر الدين الألباني على أسانيده في سلسلة الصحيحة: ٢٦٦٨.