فيما يغرسه الآباء في نفوس الأبناء، وما يلقيه الكتّاب والمعلمون والباحثون في أفكار الناشئة يبدّل هذه الفطرة ويقذرها، ويلقي عليها غشاوة، فلا تتجه إلى الحقيقة.
وقد نصّ الرسول صلى الله عليه وسلم على صدق هذا الذي قررناه، ففي الصحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه) (١) . ولم يقل يُسلمانِه، لأنّ الإسلام مُوافقٌ للفظرة.
وقد يقال: إذا تركنا الطفل من غير أن نُؤثّر في فطرته هل يخرج موحداً عارفاً بربّه، فنقول: إذا ترك شياطين الإنس البشر، ولم يدّنسوا فطرهم، فإنّ شياطين الجنّ لن يتركوهم، فقد أخذ الشيطان على نفسه العهد بإضلال بني آدم: (قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين - إلا عبادك المخلصين) ص: ٨٢-٨٣ .
وأعطي الشيطان القدرة على أن يصل إلى قلب الإنسان، كما في الحديث الصحيح (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شراً) أو قال: (شيئا ً) . (٢)
والقرآن وصف الشيطان المطلوب الاستعاذة منه بأنّه (يوسوس في صدور الناس) الناس: ٥ ، وقد صح أيضاً أنّ لكل إنسان قريناً من الجنّ يأمره بالشرّ، ويحثه عليه، وفي القرآن (قال قرينه ربَّنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيدٍ) ق: ٢٧ .
ولا يتخلص المرء من هذا إلا بالالتجاء إلى الله (قل أعوذ برب الناس - ملك الناس - إلاه الناس - من شر الوسواس الخناس - الذي يوسوس في صدور الناس - من الجنة والناس) الناس: ١-٦ .
(١) صحيح البخاري: ٣/٢٤٥، ورقمه: ١٣٨٥، ورواه مسلم في صحيحه: ٤/٢٠٤٧، ورقمه: ٢٦٥٨.
(٢) رواه مسلم في صحيحه: ٤/١٧١٢. ورقمه: ٢١٧٥.