وَبَيَّنَ السَّبَبَ، أَوْ كَانَ فَقِيهًا مُوَافِقًا اعْتَمَدَهُ.
وَيَحِلُّ اسْتِعْمَالُ كُلِّ إنَاءٍ طَاهِرٍ
ــ
مغني المحتاج
كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَقَدْ قَالُوا فِيمَا لَوْ وُجِدَتْ شَاةٌ مَذْبُوحَةٌ فَقَالَ ذِمِّيٌّ: أَيْ: تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ أَنَا ذَبَحْتُهَا أَنَّهَا تَحِلُّ وَكَفَى بِهِ فَاسِقًا (وَبَيَّنَ السَّبَبَ) فِي تَنَجُّسِهِ كَوُلُوغِ كَلْبٍ (أَوْ كَانَ فَقِيهًا) بِمَا يُنَجِّسُ (مُوَافِقًا) لِلْمَخْبَرِ فِي مَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ السَّبَبَ (اعْتَمَدَهُ) ؛ لِأَنَّهُ خَبَرٌ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ التَّنْجِيسُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي فَقِيهٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ يَعْرِفُ تَرْجِيحَاتِ الْمَذْهَبِ فَسَقَطَ بِذَلِكَ مَا قِيلَ: إنَّ فِي الْمَذْهَبِ خِلَافًا فِي مَسَائِلَ كَوُلُوغِ هِرَّةٍ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ بَعْدَ نَجَاسَةِ فَمِهَا وَغَيْبَتِهَا وَكَوُقُوعِ فَأْرَةٍ أَوْ هِرَّةٍ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ إذَا خَرَجَتْ مِنْهُ حَيَّةً وَنَحْوَ ذَلِكَ فَقَدْ يَظُنُّ الْفَقِيهُ الْمُوَافِقُ تَرْجِيحَ الْمَرْجُوحِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالرَّاجِحِ، وَلَوْ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ خَبَرُ عَدْلَيْنِ فَصَاعِدًا كَأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: وَلَغَ الْكَلْبُ فِي هَذَا دُونَ ذَاكَ وَقَالَ الْآخَرُ: بَلْ فِي ذَاكَ دُونَ هَذَا صَدَقَا إنْ أَمْكَنَ صِدْقُهُمَا فَيَحْكُمُ بِنَجَاسَةِ الْمَاءَيْنِ لِاحْتِمَالِ الْوُلُوغِ فِي وَقْتَيْنِ فَلَوْ تَعَارَضَا فِي الْوَقْتِ أَيْضًا بِأَنْ عَيَّنَاهُ صَدَّقَ أَوْثَقَهُمَا فَإِنْ اسْتَوَيَا فَالْأَكْثَرُ عَدَدًا فَإِنْ اسْتَوَيَا سَقَطَ خَبَرُهُمَا لِعَدَمِ التَّرْجِيحِ وَحُكِمَ بِطَهَارَةِ الْإِنَاءَيْنِ كَمَا لَوْ عَيَّنَ أَحَدُهُمَا كَلْبًا كَأَنْ قَالَ: وَلَغَ هَذَا الْكَلْبُ فِي هَذَا الْمَاءِ وَقْتَ كَذَا، وَقَالَ الْآخَرُ: كَانَ حِينَئِذٍ بِبَلْدٍ آخَرَ مَثَلًا
فُرُوعٌ: لَوْ اغْتَرَفَ مِنْ دَنَّيْنِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مَاءٌ قَلِيلٌ أَوْ مَائِعٌ فِي إنَاءٍ وَاحِدٍ فَوَجَدَ فِيهِ فَأْرَةً مَيْتَةً لَا يَدْرِي مِنْ أَيِّهِمَا هِيَ اجْتَهَدَ، فَإِنْ ظَنَّهَا مِنْ الْأَوَّلِ وَاتَّحَدَتْ الْمَغْرَفَةُ، وَلَمْ تُغْسَلْ بَيْنَ الِاغْتِرَافَيْنِ حَكَمَ بِنَجَاسَتِهِمَا، وَإِنْ ظَنَّهَا مِنْ الثَّانِي أَوْ مِنْ الْأَوَّلِ وَاخْتَلَفَتْ الْمَغْرَفَةُ أَوْ اتَّحَدَتْ وَغُسِلَتْ بَيْنَ الِاغْتِرَافَيْنِ حَكَمَ بِنَجَاسَةِ مَا ظَنَّهَا فِيهِ
وَلَوْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ إنَاءُ بَوْلٍ بِأَوَانِي بَلَدٍ، أَوْ مَيْتَةٌ بِمُذَكَّاةٍ أَخَذَ مِنْهَا مَا شَاءَ بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ إلَّا وَاحِدًا كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ ثَمَرَةً بِعَيْنِهَا فَاخْتَلَطَتْ بِثَمَرٍ فَأَكَلَ الْجَمِيعَ إلَّا ثَمَرَةً لَمْ يَحْنَثْ
وَلَوْ رَفَعَ نَحْوُ كَلْبٍ رَأْسَهُ مِنْ إنَاءٍ وَفِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ أَوْ مَائِعٌ آخَرُ وَفَمُهُ رَطْبٌ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ هَذَا إنْ اُحْتُمِلَ تَرَطُّبُهُ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِلَّا ضَرَّ.
وَلَوْ غَلَبَتْ النَّجَاسَةُ فِي شَيْءٍ، وَالْأَصْلُ فِيهِ الطَّهَارَةُ كَثِيَابِ مُدْمِنِي الْخَمْرِ، وَمُتَدَيِّنِينَ بِالنَّجَاسَةِ كَالْمَجُوسِ، وَمَجَانِينَ، وَصِبْيَانٍ بِكَسْرِ الصَّادِ أَشْهُرُ مِنْ ضَمِّهَا وَجَزَّارِينَ حُكِمَ لَهُ بِالطَّهَارَةِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ، وَكَذَا مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى مِنْ ذَلِكَ كَعَرَقِ الدَّوَابِّ وَلُعَابِهَا وَلُعَابِ الصَّبِيِّ وَالْحِنْطَةِ الَّتِي تُدَاسُ، وَالثَّوْرُ يَبُولُ عَلَيْهَا وَالْجُوخُ، وَقَدْ اشْتَهَرَ اسْتِعْمَالُهُ بِشَحْمِ الْخِنْزِيرِ، وَمِنْ الْبِدَعِ الْمَذْمُومَةِ غَسْلُ ثَوْبٍ جَدِيدٍ وَقَمْحٍ وَفَمٍ مِنْ أَكْلِ نَحْوِ خُبْزٍ، وَتَرْكُ مُؤَاكَلَةِ الصِّبْيَانِ لِتَوَهُّمِ نَجَاسَتِهَا قَالَهُ فِي الْعُبَابِ وَالْبَقْلُ النَّابِتُ فِي نَجَاسَةٍ مُتَنَجِّسٌ لَا مَا ارْتَفَعَ عَنْ مَنْبَتِهِ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ، وَلَوْ وَجَدَ قِطْعَةَ لَحْمٍ فِي إنَاءٍ أَوْ خِرْقَةٍ بِبَلَدٍ لَا مَجُوسَ فِيهِ فَطَاهِرَةٌ، أَوْ مَرْمِيَّةً مَكْشُوفَةً فَنَجِسَةٌ أَوْ فِي إنَاءٍ أَوْ خِرْقَةٍ وَالْمَجُوسُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يَكُنْ الْمُسْلِمُونَ أَغْلَبَ فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ أَغْلَبَ فَطَاهِرَةٌ وَكَذَا إذَا اسْتَوَيَا فِيمَا يَظْهَرُ
(وَيَحِلُّ اسْتِعْمَالُ) وَاقْتِنَاءُ (كُلِّ إنَاءٍ طَاهِرٍ) فِي الطَّهَارَةِ وَغَيْرِهَا بِالْإِجْمَاعِ: أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ طَاهِرٌ فَلَا يَرِدُ الْمَغْصُوبُ وَجِلْدُ الْآدَمِيِّ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَهُمَا لِمَعْنًى آخَرَ، وَهُوَ تَحْرِيمُ اسْتِعْمَالِ مِلْكِ