على خدمة «الكعبة»، ورعاية حجاجها، إلى أن ضعفت، فحلَّ مكانها
فى تلك المهمة قبائل «خزاعة»، التى ضعفت هى الأخرى بعد فترة،
فخلفتها قبيلة «قريش» بزعامة «قصى بن كلاب» الجد الرابع للنبى
- صلى الله عليه وسلم -، فأسس دار الندوة فى «مكة»، وهى أشبه ما
يكون ببرلمان صغير، يتشاور فيه زعماء «قريش» حول شئونها،
ونظَّم «قُصىَّ بن كلاب» السقاية، وهى جلب الماء للحجاج من آبار
بعيدة، بعد أن ردمت قبائل «جُرهُم» بئر «زمزم» عندما غلبتها
«خزاعة» على أمرها وتركت «مكة»، واهتم بالسدانة، وبالرفادة
وهى إطعام الحجاج، وبالحجابة وهى خدمة «الكعبة» وتولى
مفاتيحها، وباللواء وهو راية الحرب، وكان ذلك كله فى يد «قصى»،
ولكن بعد وفاته قُسمت هذه المناصب بين أحفاده.
أحوال العرب قبل الإسلام:
يُقسم علماء الأنساب العرب إلى:
- عرب بائدة؛ وهم الذين هلكوا ولم يبق من نسلهم أحد، مثل: «عاد»،
و «ثمود» و «طُسُم»، وغيرهم.
- وعرب باقية، وهم قسمان:
أ - عرب عاربة، وهم أهل «اليمن» الذين ينسبون إلى «يعرب ابن
قحطان».
ب - وعرب مستعربة، وهم الذين ينسبون إلى «عدنان» الذى يتصل
نسبه بإسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، وسُمُّوا مستعربة؛ لأن
أباهم غير عربى وهو «إسماعيل» - عليه السلام - وأمهم عربية من
«جُرهُم».
أحوال العرب السياسية:
عرفت بلاد العرب الحياة السياسية المنظمة قبل الإسلام، وبخاصة فى
«اليمن»، حيث الزراعة والاستقرار، فقامت فيها دول كثيرة متعاقبة،
مثل: دولة «معين»، ودولة «قُتبان»، ودولة «سبأ» التى سُميت بها
سورة من سور القرآن الكريم، ودولة «حمير» التى ظلت قائمة حتى
احتلتها «الحبشة» فى بداية القرن السادس الميلادى، ثم استولى
عليها «الفرس»، وظلت كذلك إلى أن حررها الإسلام من الاحتلال
الفارسى، وأسلم أهلها.
وقامت فى «اليمن» حضارة عظيمة، فاشتهرت ببناء السدود كسد
مأرب، لخزن مياه الأمطار لاستخدامها فى الزراعة، وازدهرت فيها