- صلى الله عليه وسلم -. أما الشباب فقد أخذهم الحماس، وخشوا أن
يتهمهم الأعداء بالجبن؛ ففضلوا الخروج لمواجهتهم فى مكان
مكشوف.
ولما رأى الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن الرأى الأخير هو رأى
الأغلبية قام إلى بيته ولبس درعه وحمل سلاحه وخرج إليهم، فأدركوا
أنهم أخرجوه مكرهًا، فقالوا له: يارسول الله، لقد استكرهناك وما
كان لنا ذلك، فافعل ما شئت، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «ماكان
لنبى لبس لأمته - عدة حربه - أن ينزعها حتى يحكم الله بينه وبين
أعدائه».
وخرج النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى ساحة «أحد»، وجعل ظهر
جيشه إلى الجبل، والأعداء أمامه، ونظر إلى ميدان المعركة نظرة
فاحصة، وعرف أن الخطر يكمن خلف ظهر الجيش، فأعد خمسين رجلا
ممن يُحسنون الرمى بالنبل، وأمَّر عليهم «عبدالله بن جبير
الأنصارى»، وكلفهم بالصعود إلى قمة عالية خلف ظهورهم، سُميت
بعد ذلك بجبل الرماة، وقال لهم فى حسم: «احموا ظهورنا، لأنُؤتى
من قبلكم»، وأمرهم برمى المشركين بالنبال، وألا يتركوا مواقعهم
أبدًا سواء انتصر المسلمون أو انهزموا، لخطورة الموقع وأهميته،
وكرر عليهم أوامره مرارًا.
ودارت المعركة، وكانت الغلبة للمسلمين فى البداية، لكنهم تعجلوا
النصر ولم يصبروا، وظنوا أن المعركة انتهت، فالذين فى الميدان
تركوا القتال وبدءوا فى جمع الغنائم، والذين فوق الجبل خالفوا
أوامر النبى - صلى الله عليه وسلم - وأوامر قائدهم «عبدالله بن
جبير»، وتركوا مواقعهم، ليشتركوا فى جمع الغنائم.
انتهز «خالد بن الوليد» هذه الفرصة، وانقض بفرسانه من الخلف،
مستغلا الثغرة التى حدثت بترك الرماة مواقعهم، فحول بحركته
العسكرية سير المعركة من نصر للمسلمين فى أولها إلى هزيمة،
وارتبك المسلمون من هول المفاجأة، حتى إن بعضهم أخذ يقتل
بعضًا، وزاد ارتباكهم عندما أشاع المشركون أنهم قتلوا الرسول
- صلى الله عليه وسلم - الذى كان قد سقط فى حفرة، وجُرِح وكُسِرَت