ب - ميتة ما لا دم له سائل كالنمل والنحل ونحوها، فإنها طاهرة إذا وقعت في شئ وماتت فيه لا تنجسه.
قال ابن المنذر: لا أعلم خلافا في طهارة ما ذكر إلا ما روي عن الشافعي والمشهور من مذهبه أنه نجس، ويعفى عنه إذا وقع في المائع ما لم يغيره.
ح - عظم الميتة وقرنها وظفرها وشعرها وريشها وجلدها، وكل ما هو من جنس ذلك طاهر، لان الاصل في هذه كلها الطهارة، ولا دليل على النجاسة.
قال الزهري: في عظام الموتى نحو الفيل وغيره: أدركت ناسا من سلف العلماء
يمتشطون بها ويدهنون فيها، لا يرون به بأسا، رواه البخاري، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: تصدق على مولاة لميمونة بشاة فماتت، فمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (وهلا أخذتم إهابها فدبغتموه فانتفعم به؟ فقالوا: إنها ميتة، فقال: (إنما حرم أكلها) رواه الجماعة إلا أن ابن ماجه قال فيه: عن ميمونة، وليس في البخاري ولا النسائي ذكر الدباغ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ هذه الاية: (قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة (١)) إلى آخر الاية، وقال: إنما حرم ما يؤكل منها وهو اللحم، فأما الجلد والقد (٢) والسن والعظم والشعر والصوف فهو حلال) ، رواه ابن المنذر وابن حاتم.
وكذلك أنفحة الميتة ولبنها طاهر، لان الصحابة لما فتحوا بلاد العراق أكلوا من جبن المجوس، وهو يعمل بالانفحة، مع أن ذبائحهم تعتبر كالميتة، وقد ثبت عن سلمان الفارسي رضي الله عنه أنه سئل عن شئ من الجبن والسمن والفراء، فقال: الحلال ما أحله الله في كتابه، والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه.
ومن المعلوم أن السؤال كان عن جبن المجوس، حينما كان سلمان نائب عمر بن الخطاب على المدائن.
٢ - الدم: سواء كان دما مسفوحا - أي مصبوبا - كالدم الذي يجري من المذبوح،
(١) سورة الانعام: ١٤٥.
(٢) (القد) بكسر القاف: إناء من جلد اهـ. قاموس.