أما التشريع الذي يتصل بالامور الدنيوية، ومن قضائية وسياسية وحربية، فقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالمشاورة فيها، وكان يرى الرأي فيرجع عنه لرأي أصحابه، كما وقع في غزوة بدر وأحد، وكان الصحابة رضي الله عنهم يرجعون إليه صلى الله عليه وسلم يسألونه عما لم يعلموه، ويستفسرونه فيما خفي عليهم من معاني النصوص، ويعرضون عليه ما فهموه منها، فكان أحيانا يقرهم على فهمهم، وأحيانا يبين لهم موضع الخطأ فيما ذهبوا إليه.
والقواعد العامة التي وضعها الاسلام، ليسير على ضوئها المسلمون هي:
١ - النهي عن البحث فيما لم يقع من الحوادث حتى يقع، قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبدلكم تسؤكم، وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبدلكم عفا الله عنها، والله غفور حكيم) (١) وفي الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم، نهى عن الاغلوطات، وهي المسائل التي لم تقع.
٢ - تجنب كثرة السؤال وعضل المسائل، ففي الحديث: (إن الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال، وإضاعة المال) وعنه صلى الله عليه وسلم: (إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدودا فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة بكم من غير نسيان فلا تبحثوا عنها) وعنه أيضا: (أعظم الناس جرما، من سأل عن شئ لم يحرم فحرم من أجل مسألته) .
٣ - البعد عن الاختلاف والتفرق في الدين، قال الله تعالى: (وأن هذه أمتكم أمة واحدة) (٢) وقال تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا (٣)) .
وقال تعالى: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ذيحكم) (٤) وقال تعالى: (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شئ (٥)
(١) سورة المائدة آية: ١٠١.
(٢) سورة المؤمنون آية: ٥٢.
(٣) سورة آل عمران آية: ١٠٣.
(٤) سورة الانفال آية: ٤٦.
(٥) سورة الانعام آية: ١٥٩.