كان كثيراً أو قليلاً- أما إن خالطته النجاسة ولم تغير أحد أوصافه: فإن كان كثيراً لم ينجس وتحصل الطهارة به، وأما إن كان قليلاً فينجس، ولا تحصل الطهارة به. وحدُّ الماء الكثير ما بلغ قُلتين (١) فأكثر، والقليل ما دون ذلك.
والدليل على ذلك حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إن الماء طهور لا ينجسه شيء) (٢)، وحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث) (٣).
المسألة الرابعة: الماء إذا خالطه طاهر
الماء إذا خالطته مادة طاهرة، كأوراق الأشجار أو الصابون أو الأُشْنَان (٤)
أو السدر أو غير ذلك من المواد الطاهرة، ولم يغلب ذلك المخالط عليه، فالصحيح أنه طهور يجوز التطهر به من الحدث والنجاسة، لأن الله سبحانه وتعالى قال: (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ) النساء: ٤٣.
فلفظ الماء في الآية نكرة في سياق النفي، فيعم كل ماء. لا فرق بين الماء الخالص والمخلوط.
ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للنسوة اللاتي قمن بتجهيز ابنته: (اغسلنها ثلاثاً أو خمساً، أو أكثر من ذلك إن رأيتن، بماء وسدر، واجعلن في الآخرة كافوراً، أو شيئاً من كافور) (٥).
(١) القلة هي الجرة، جمعهِا قُلل وقلال. وهي تساوي ما يقارب ٩٣.٠٧٥ صاعاً= ١٦٠.٥ لترا من الماء، والقلتان خمس قرب تقريبا.
(٢) أخرجه أحمد في مسنده (٣/ ١٥)، وأبو داود في كتاب الطهارة باب ما جاء في بئر بضاعة، برقم (٦١)، والنسائي في كتاب المياه برقم (٢٧٧)، والترمذي في كتاب الطهارة، باب أن الماء لا ينجسه شيء برقم (٦٦) وقال: حديث حسن. وصححه الألباني في الإرواء (١/ ٤٥).
(٣) أخرجه أحمد برقم (٢/ ٢٧)، وأبو داود في كتاب الطهارة باب ما ينجس الماء برقم (٦٣)، والترمذي في كتاب الطهارة باب أن الماء لا ينجسه شيء برقم (٦٧)، والنسائي كتاب الطهارة برقم (٥٢)، وابن ماجه كتاب الطهارة باب مقدار الماء الذي لا ينجس برقم (٥١٧) ولفظه: إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شيء، وصححه الألباني في الإرواء (١/ ٤٥).
(٤) معرَّب، وهو حمض تغسل به الأيدي، ويقال له بالعربية: الحُرْضُ، ويقال بكسر الألف أيضاً.
(٥) متفق عليه: أخرجه البخاري برقم (١٢٥٣، ١٢٥٨، ١٢٥٩، وغيرها)، ومسلم برقم (٩٣٩).