وخشي عليهم قومه، فقد كانوا قوم سوء يفعلون السيئات، ويأتون الذكران من العالمين: (ولمَّا جاءت رُسُلُنَا لوطاً سِيءَ بهم وضاق بهم ذرعاً وقال هذا يوم عصيب ٌ) هود: ٧٧ .
يقول ابن كثير: " تبدى لهم الملائكة في صورة شباب حسان امتحاناً واختباراً حتى قامت على قوم لوط الحجة، وأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر " (١) .
وقد كان جبريل يأتي الرسول صلى الله عليه وسلم في صفات متعددة، فتارة يأتي في صورة دحية بن خليفة الكلبي (صحابي كان جميل الصورة) ، وتارة في صورة أعرابي.
وقد شاهده كثير من الصحابة عندما كان يأتي كذلك.
في الصحيحين عن عمر بن الخطاب قال: " بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد، أخبرني عن الإسلام ". وفي الحديث أنه سأله عن الإيمان والإحسان والساعة وأماراتها (٢) .
وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم فيما بعد أن السائل جبريل، جاء يعلم الصحابة دينهم.
ورأت عائشة الرسول صلى الله عليه وسلم واضعاً يده على معرفة فرس دحية الكلبي يكلمه، فلما سألته عن ذلك، قال صلى الله عليه وسلم: (ذلك جبريل، وهو يقرئك السلام) (٣) .
وقد حدثنا الرسول صلى الله عليه وسلم عن الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً، وأنه لما هاجر تائباً جاءه الموت في منتصف الطريق إلى الأرض التي هاجر إليها، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فحكّموا فيه ملكاً
(١) البداية والنهاية: ١/٤٣.
(٢) رواه مسلم: ١/٣٧. ورقمه: ٨. ورواه البخاري عن أبي هريرة: ١/١١٤. ورقمه: ٤٩. واللفظ لمسلم.
(٣) أخرجه أحمد في مسنده، وابن سعد في الطبقات، بإسناد حسن. وحديث إقراء جبريل عائشة السلام من غير رؤيتها له، رواه البخاري في صحيحه: ٦/٣٠٥. ورقمه: ٣٢١٧. ورواه أيضاً: ٧/١٠٦. ورقمه: ٣٧٦٨.