٢ - أن المسلمين ما زالوا يصلون في جراحاتهم، كما ذكر ذلك الحسن البصري -رحمه الله- وقد يسيل منهم الدم الكثير الذي ليس محلًا للعفو.
٣ - وروى أبو داود في سننه: "أن أحد الصحابة قام يصلي في الليل، فرماه المشرك بسهم فوضعه فيه، فنزعه حتى رماه بثلاثة أسهم، ثم ركع وسجد ومضى في صلاته وهو يموج دمًا" (١)، فلو كان الدم نجسًا لانصرف من صلاته، ولكن لعلمهم وفقههم بطهارته لم ينصرفوا من صلاتهم.
٤ - أن الآدمي أجزاؤه طاهرة، فلو قطعت يده لكانت طاهرة، وهذه اليد تحمل دمًا، وربما يكون الدم كثيرًا، فإذا كان العضو أو الجزء الذي يقطع من الإنسان طاهرًا وهو يعد ركنًا من بنية الإنسان، فالدم الذي ينفصل منه من باب أولى.
هل يقاس دم الآدمي على دم الحيض؟
الجواب: لا يقاس ذلك؛ لأن بينهما فروقًا منها:
١ - أن دم الحيض دم طبيعة وجبلة للنساء، قال - صلى الله عليه وسلم -: "هذا شيء كتبه الله على بنات آدم" (٢) فبين أنه مكتوب.
٢ - أن دم الحيض دم غليظ نتن له رائحة مستكرهة، فيشبه البول والغائط.
٣ - أن دم الحيض يخرج من السبيل، ولا يصح قياس الدم الخارج من غير السبيلين على الدم الخارج من السبيلين.
(١) أخرجه أبو داود، في باب الوضوء من الدم برقم (١٩٨) وصححه الألباني.
(٢) أخرجه البخاريُّ، في كتاب الحيض، باب كيف كان بدء الحيض، برقم (٢٩٠)، (٢٩١)، (٣٠٠)، ومسلمٌ، في كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام وأنه يجوز إفراد الحج والتمتع والقران، برقم (١٢١١).