وإِنَّما فيه أنَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يغسله، وأنَّ عائشة -رضي الله عنها- كانت تغسله وأفعاله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليست على الوجوب".
ثمَّ ذكر -رحمه الله- حديث أنس بن مالك -رحمه الله- في حكِّ البزاق باليد من المسجد.
ولفْظه -كما في البخاري (٤٠٥) -: عن أنس: "أنَّ النّبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأى نخامة في القِبْلة، فشقَّ ذلك عليه، حتى رُئي في وجهه، فقام، فحكَّه بيده .. ".
قال ابن حزم -رحمه الله-: "فلم يكن هذا دليلاً عند خصومنا على نجاسة النخامة، وقد يغسل المرء ثوبه ممّا ليس نجساً".
وقال شيخ الإِسلام -رحمه الله- في "الفتاوى" (٢١/ ٦٠٥): "وبالجملة؛ فخروج اللبن من بين الفرث والدم: أشبه شيء بخروج المنيِّ من مخرج البول" (١).
وقال -رحمه الله-: ومن المعلوم أنَّه لم ينقُل أحد أنَّ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر أحداً من الصحابة بغَسْل المنيّ من بدنه وثوبه، فعُلم يقيناً أنَّ هذا لم يكن واجباً عليهم، وهذا قاطع لمن تدبَّره" (٢).
وقال الحافظ في "الفتح": " ... لا معارضة بين حديثي الغَسْل والفَرْك؛
(١) "الفتاوى" (٢١/ ٦٠٣)، وله بحث نفيس في طهارة المني والردّ على من يقول بنجاسته (ص ٥٨٩ وما بعدها) من مجلد (٢١).
(٢) "الفتاوى" (٢١/ ٦٠٥).