-حفظه الله تعالى- ذلكم أنه قد اشتدّ بشيخنا المرض في فترةٍ من الفترات، ثمَّ تحسَّن حاله، ثمَّ عاوده المرض.
كما أننّي كتبتُ بعض العبارات وهو يستمتع بالصحة والعافية، وعند تصحيح التجارب كان في مرضه، وهأنذا الآن على وشك الانتهاء من الكتاب، وقد اشتدّ به المرض، وهو على حالٍ لا أستطيع وصْفها تُذكِّرنا بمقولة قتيبة ابن سعيد -في حياة أحمد بن حنبل رحمه الله- قال: "مات الثوري ومات الورع، ومات الشافعي وماتت السنن، ويموت أحمد بن حنبل وتظهر البدع".
أخرجه ابن الأعرابي في "معجمه" (١٢٥٤) والبيهقي في "مناقب الشافعي" (٢/ ٢٥٠) (١).
ولا أدري ما أقول! هل فقْدنا شيخنا الوالد عبد العزيز بن باز -رحمه الله- هيّأنا للمصاب الجلل الذي سيحلّ بالأمّة، أم أنّ ما نترقبّه من عظيم المصاب يهيّج أحزاننا على فراقه، وهذا كما قال الشاعر:
فقُلت له إِنّ الشجى يبعث الشجى ... فدعني فهذا كلّه قبر مالك
أسأل الله العظيم، ربَّ العرش العظيم أن يتقبَّلَ منِّي عملي، وأن ينفَعني به وإِخواني المسلمين، وأن لا يجعل لأحدٍ منه شيئاً؛ إِنَّه سبحانه على كلِّ شيء قدير.
ثمَّ وقعت مصيبة الموت وكان ذلك قبل مغرب يوم السبت بساعة ونصف تقريباً لثمانية أيّام بقين من شهر جمادى الآخر سنة ١٤٢٠ هـ الموافق
(١) وهذا من إِتحافات أخي الشيخ مشهور -حفظه الله ورعاه- في بعض دروسه النافعة في المساجد.