وَقَال مُحَمَّد بْن يونس الكديمي، عن علي ابن الْمَدِينِيّ: خرج سُفْيَان بْن عُيَيْنَة إلى أصحاب الحديث وهُوَ ضجر، فَقَالَ: أليس من الشقاء أن أكون جالست ضَمْرَة بْن سَعِيد وجالس أَبَا سَعِيد الخُدْرِيّ، وجالست عَمْرو بْن دينار وجالس جَابِر بْن عَبد اللَّهِ، وجالست عَبد الله بن دينار وجالس ابن عُمَر، وجالست الزُّهْرِيّ وجالس أَنَس بْن مَالِك، حَتَّى عدد جماعه ثُمَّ أنا أجالسكم؟ فَقَالَ له حدث فِي المجلس: أتنصف يا أَبَا مُحَمَّد؟ قال: إن شاء الله. قال له: والله لشقاء من جالس أصحاب رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بك أشد من شقائك بنا.
فأطرق وتمثل بشعر أَبِي نؤاس:
خل جنبيك لرام • وامض عنه بسلام.
مت بداء الصمت خير • لك من داء الكلام.
فسئل: من الحدث؟ فقالوا: يَحْيَى بْن أكثم. فَقَالَ سُفْيَان: هذا الغلام يصلح لصحبة هؤلاء، يَعْنِي السلطان.
وَقَال أَبُو الْفَضْل صَالِح بْن مُحَمَّد بْن شاذان: سمعت مَنْصُور بْن إِسْمَاعِيل يَقُول: ولي يَحْيَى بْن أكثم قضاء البصرة وهُوَ شاب ابْن إحدى وعشرين سنة أو كما قال (١) ، فاستزرى بِهِ مشايخ البصرة واستصغروه، فقالوا: كم سن الْقَاضِي؟ قال: سن عتاب بْن أسيد حين ولاه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ على مكة.
وَقَال أبو خازم عبد الحميد بْن عَبْد الْعَزِيزِ الْقَاضِي، عَن أبيه:
(١) ذكر وكيع أنه ولي القضاء بها في رمضان سنة ٢٠٢، (أخبار القضاة: ٢ / ١٦١) وسيأتي أنه توفي أواخر سنة ٢٤٢، أو أوائل سنة ٢٤٣، وقيل أنه يوم مات كان ابن ثلاث وثمانين، ومعنى هذا أنه كان حين ولي قضاء البصرة ابن أربعين أو نحو ذلك، فكيف تصح هذه الاخبار؟ !