ويونس بْن حبيب، والأَصْمَعِيّ.
وَقَال أَبُو بكر الصولي: حَدَّثَنَا الحزنبل (١) ، قال: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبي مُحَمَّد اليزيدي، عَن أبيه. قال الصولي: وحَدَّثَنَا أَبُو خليفة الفضل بْن حباب، عن مُحَمَّد بْن سلام، عن محمد ابن حفص، قَالا: تكلم عَمْرو بْن عُبَيد فِي الوعيد سنة، فَقَالَ أَبُو عَمْرو: إنك لألكن الفهم، إذ صيرت الوعيد فِي أعظم شيء مثله فِي أصغر شيء، فأعلم أن النهي عن الصغير والكبير ليسا سواء، وإنما نهى اللَّه عنهما ليتم حجته عَلَى خلقه، ولئلا يعدل عن أمره وطاعته، ووراء وعيده عفوه ووسيع كرمه، وأنشد أَبُو عَمْرو (٢) :
لا يرهب ابْن العم ما عشت صولتي • ولا أختشي (٣) من صولة المتهدد.
وإني وإن أوعدته ووعدته • لمخلف إيعادي ومنجز موعدي.
فَقَالَ لَهُ عَمْرو: صدقت، إن العرب تمتدح (٤) بالوفاء بالوعد دون الوعيد، وقد تمتدح بالوفاء بهما، ألم تسمع قول الشاعر:
إن أبا خالد لمجتمع الرأي • شريف الأفعال والبيت.
لا يخلف الوعد والوعيد ولا • يبيت من ثأره عَلَى فوت.
قال عَمْرو: قد وافق هَذَا قول اللَّه عزوجل: (ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ... ) الآية (٥) .
(١) جودها ابن المهندس نقلا عن المؤلف وقيدها بفتح الحاء المهملة والزاي وسكون النون وفتح الموحدة بعدها اللام.
(٢) البيتان لعامر بن الطفيل، وهما في ديوانه: ٥٨.
(٣) جودها النساخ، ومنهم ابن المهندس، وفي الديوان: أختتي"، أي لا أستتر خوفا.
(٤) في السير: تتمدح.
(٥) الاعراف: ٤٤.