وإذا وضَعْت النقطتين السابقتين إلى جانب هذا الكلام، اتضح لك هذا المقام، والعقل البشرى أقصر من أن يتورط فى أكثر من ذلك.
* ليس كمثله شىء:
والله سبحانه لا يماثله شىء، ولا يماثل شيئًا، فكل ما خطر ببالك، فهو بخلاف ذلك، يقول الله سبحانه:
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (١).
ومماثلة غير الله فى بعض الصفات، إنما هى من حيث التسمية لا من حيث الحقيقة، فإذا قيل: إن فلانًا عالم
وحىّ وموجود وقادر وحكيم ورحيم، فهو من حيث الظاهر فقط، ومع ذلك فإن وجود العلم والحياة، والقدرة والحكمة والرحمة فى الله كاملة غاية الكمال، ووجودها فى الأفراد ناقصة غاية النقص، بالإضافة إلى الله جل شأنه.
{وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (٢).
إن الإنسان خُلق ضعيفًا، والله قوى عزيز.
والإنسان خلق فقيرًا، والله غنى حميد.
والإنسان والد ومولود، والله لم يلد ولم يولد.
والإنسان نساى، والله لا يضل ولا ينسى.
والإنسان ناقص، والله هو الكمال المطلق.
والإنسان محكوم عليه بالموت، والله حىّ لا يموت.
(١) سورة الشورى - الآية ١١.
(٢) سورة النحل - الآية ٦٠.