الإسلام، ومفتاح دار السلام، وبها تنقسم الناس إلى شقي وسعيد، ومقبول وطريد، وبها انفصلت دار الكفر من دار الإسلام، وتميزت دارُ النعيم من دار الشقاء والهوان، وهي العمود الحامل للفرض والسنة، ومن كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة" (١).
فأفضل ما شُغلت به الأوقات، وانقضت فيه الساعات توحيد رب العالمين الذي اختاره الله لأنبيائه واصطفى لتحقيقه سادةَ رسله وصفوةَ خلقه.
قال ابن عيينة - رحمه الله تعالى -: "ما أنعم الله على عبدٍ من العباد نعمةً أعظم من أن عرَّفهم لا إله إلا الله. وإنَّ لا إله إلا الله لأهل الجنة كالماء البارد لأهل الدنيا" (٢).
وقال الإمام المقدسي - رحمه الله تعالى -: "فلو أن الإنسان عرف كل شيء ولم يعرف الله سبحانه كان كأنه لم يعرف شيئًا" (٣).
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله تعالى -: "فلا يُزهَّد في التوحيد، فإن بالزهد فيه يقع في ضده، وما هلك من هلك ممن يدَّعي الإسلام إلا بعدم إعطائه حقه ومعرفته حق المعرفة، وظنوا أنه يكفي الاسم والشهادتان، ولم ينظروا ما ينافيه وما ينافي كماله هل هو موجود أو مفقود؟ وهذا كله من عدم التحرز ومعرفة ألفاظ التوحيد لفظة، لفظة" (٤).
فيا غافلًا عن حقيقة السعادة، دونك ما تسابق الأخيار في تحصيله، وما تنافس الأتقياء في تحقيقه حتى قال قائلهم: مساكين أهل الدنيا مضوا عنها وما حصلوا
(١) ما بين القوسين من كلام ابن القيم رحمه الله في كتاب الجواب الكافي ص ١٣٨.
(٢) كلمة الإخلاص لابن رجب ص ٥٢ - ٥٣.
(٣) مختصر منهاج القاصدين ص ١٦٩.
(٤) شرح كشف الشبهات ١٠٨، ١٠٩. وللاستزادة من أقوال العلماء في هذا الباب انظر في هذا الكتاب باب (التوحيد وأقسامه).