يسمها من بناها مساجد. وفيه رد على من أجاز البناء على قبور العلماء والصالحين تمييزا لهم عن غيرهم، فإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لعن من بنى المساجد على قبور الأنبياء. فكيف بمن بناها على قبور غيرهم؟! " (١).
وفي حديث: "ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ... " (٢) الحديث. قال الخلخالي: "وإنكار النبي - صلى الله عليه وسلم - صنيعهم هذا يخرج على وجهين:
أحدهما: أنهم يسجدون لقبور الأنبياء تعظيمًا لهم.
الثاني: أنهم يجوزون الصلاة في مدافن الأنبياء والسجود في مقابرهم، والتوجه إليها حالة الصلاة نظرًا منهم بذلك إلى عبادة الله، والمبالغة في تعظيم الأنبياء.
والأول: هو الشرك الجلي.
والثاني: الخفي، فلذلك استحقوا اللعن" (٣).
* الدليل من السنة: عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: لَمَّا اشْتكَى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَتْ بَعْضُ نِسَائِهِ كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ يُقَالُ لَهَا مَارَيةُ وَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ (٤) وَأُمُّ حَبيبَةَ (٥) - رضي الله عنها - أَتَتَا أَرْضَ الْحَبَشَةِ فَذَكَرَتَا مِنْ حُسْنِهَا وَتَصَاوِيرَ فِيهَا، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: "أُولَئِكِ إِذا مَاتَ مِنْهُمْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا ثُمَّ صَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّورَةَ أُولَئِكِ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ الله". وفي الرواية الأخرى: "أُولئِك شِرارُ الخَلْقِ عِنْدَ الله يَوْمَ القِيَامَة" (٦).
وعن عائشة وعبد الله بن عَبَّاسٍ - رضي الله عنهم - قالا: لما نزل برسول الله - صلى الله عليه وسلم - طفق يطرح
(١) تيسير العزيز الحميد ص ٣٢٤.
(٢) أخرجه مسلم (٥٣٢).
(٣) تيسير العزيز الحميد ٣٢٨.
(٤) هي: هند بنت أبي أمية بن المغيرة القرشية المخزومية - رضي الله عنها -.
(٥) هي: رملة بنت أبي سفيان القرشية الأموية - رضي الله عنها -.
(٦) أخرجه البخاري (٤٢٧)، (١٣٤١)، ومسلم (٥٢٨).