عِنْدَ القبور منهي عنها، وأنه لعن من اتخذها مساجد. فمن أعظم المحدثات وأسباب الشرك الصلاة عِنْدَها، واتخاذها مساجد، وبناء المساجد عليها، وقد تواترت النصوص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنهي عن ذلك والتغليظ فيه" (١).
وقال الأثرم: "إنما كُرهت الصلاة في المقبرة للتشبه بأهل الكتاب؛ لأنهم يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد" (٢).
وقال ابن القيم: "وأبلغ من هذا: أنه نهى عن الصلاة إلى القبر، فلا يكون القبر بين المصلي وبين القبلة. فروى مسلم في صحيحه عن أبي مرثد الغنوي - رحمه الله - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تجلسوا على القبور، ولا تصلوا إليها" وفي هذا إبطال قول من زعم أن النهي عن الصلاة فيها لأجل النجاسة، فهذا أبعد شيء عن مقاصد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو باطل من عدة أوجه:
* منها: أن الأحاديث كلها ليس فيها فرقٌ بين المقبرة الحديثة والمنبوشة، كما يقوله المعللون بالنجاسة.
* ومنها: أنه - صلى الله عليه وسلم - لعن اليهود والنصارى على اتخاذ قبور أنبيائهم مساجد.
ومعلوم قطعا أن هذا ليس لأجل النجاسة. فإن ذلك لا يختص بقبور الأنبياء، ولأن قبور الأنبياء من أطهر البقاع، وليس للنجاسة عليها طريق البتة، فإن الله حرم على الأرض أن تأكل أجسادهم، فهم في قبورهم طريّون" (٣).
وقال الشيخ سليمان بن عبد الله: "بل العلة في ذلك الخوف على الأمة أن يقعوا فيما وقعت فيه اليهود والنصارى، وعباد اللات والعزى من الشرك، ويدل على ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعن اليهود والنصارى على اتخاذ قبور أنبيائهم مساجد، ومعلوم
(١) إغاثة اللهفان ١/ ١٨٤، ١٨٥.
(٢) إغاثة اللهفان ١/ ١٨٩.
(٣) انظر للاستزادة إغاثة اللهفان ١/ ١٨٦.