الإيمان، وأعلاها الإحسان" (١).
٢ - ذكر ابن رجب - رحمه الله - أن للإحسان مقامين فقال:
(أحدهما: مقام الإخلاص: وهو أن يعمل العبدُ على استحضار مشاهدة الله إياه، واطلاعه عليه، وقُربه منه، فإذا استحضر العبدُ هذا في عمله، وعمل عليه، فهو مخلصٌ لله؛ لأن استحضاره ذلك في عمله يمنعه من الالتفات إلى غير الله وإرادته بالعمل.
والثاني: مقام المشاهدة: وهو أن يعمل العبدُ على مقتضى مشاهدته لله بقلبه، وهو أن يتنوَّر القلبُ بالإيمان، وتنفُذ البصيرة في العرفان، حتى يصير الغيب كالعيان.
وهذا هو حقيقة مقام الإحسان المشار إليه في حديث جبريل - عليه السلام -، ويتفاوت أهلُ هذا المقام فيه بحسب قوة نفوذ البصائر" (٢).
٣ - بين الإسلام والإيمان والإحسان عموم وخصوص
الإسلام والإيمان إذا ذُكر أحدهما مفردًا دخل فيه الآخر، فلا فرق بينهما حينئذ، وإذا ذُكرا جميعًا صار لكل واحد منهما معنىً يختلف عن الآخر، كما جاء ذلك في حديث جبريل حيث فرق بينهما ففسر الإسلام: بأعمال الجوارح وهي الأعمال الظاهرة كالصلاة والزكاة، وفسر الإيمان: بأعمال القلب، والأعمال الباطنة من تصديق القلب وإقراره ومعرفته بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.
وأما ما بين هذه الثلاثة من عموم وخصوص، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الإحسان أعم من جهة نفسه وأخص من جهة أصحابه من الإيمان، والإيمان أعم
(١) مجموع الفتاوى ٧/ ١٠ بتصرف.
(٢) جامع العلوم والحكم ١/ ١٢٩.