(فضائل أبي بَكْرٍ وَعُمَرَ، والأدلة على أنهما أفضلُ وَأَفْقَهُ من عليّ -رضي الله عنهم-، والردّ علي من استدل بأدلة تُفضله عليهما)
١٢١٦ - لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِن عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ الْمُعْتَبِرِينَ: إنَّ عَلِيًّا أَعْلَمُ وَأَفْقَهُ مِن أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، بَل وَلَا مِن أَبِي بَكْرٍ وَحْدَهُ.
وَمُدَّعِي الْإِجْمَاعِ عَلَى ذَلِكَ مِن أَجْهَلِ النَّاسِ وَأَكْذَبِهِمْ، بَل ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِن الْعُلَمَاءِ إجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ أَبَا بَكْر الصِّدِّيقَ أَعْلَمُ مِن عَلِيٍّ.
وَمَا عَلِمْت أَحَدًا مِن الْأَئِمَّةِ الْمَشْهُورِينَ يُنَازعُ فِي ذَلِكَ.
وَكَيْفَ وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ كَانَ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يُفْتِي، وَيَأْمُرُ، وَينْهى، وَيقْضِي، وَيَخْطُبُ، كَمَا كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ إذَا خَرَجَ هوَ وَأَبُو بَكْرٍ يَدْعُو النَّاسَ إلَى الْإِسْلَامِ، وَلَمَّا هَاجَرَا جَمِيعًا وَيوْمَ حنين، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِن الْمَشَاهِدِ، وَالنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - سَاكِتٌ يُقِرُّهُ عَلَى ذَلِكَ، ويرْضَى بِمَا يَقُولُ؟ وَلَمْ تكنْ هَذ الْمَرتبةُ لِغَيْرِهِ.
وَكَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي مُشَاوَرَتهِ لِأَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ وَالرَّأْيِ مِن أَصْحَابِهِ يُقَدِّمُ فِي الشُّورَى أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَهُمَا اللَّذَانِ يَتَقَدَّمَانِ فِي الْكَلَامِ وَالْعِلْمِ بِحَضْرَةِ الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى سَائِرِ أَصْحَابِهِ.
وَفِي "السُّنَنِ" عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: "اقْتَدُوا بِاَللَّذَيْنِ مِن بَعْدِي: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ" (١).
وَلَمْ يَجْعَلْ هَذَا لِغَيْرِهِمَا.
بَل ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: "عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِن بَعْدِي" (٢).
(١) رواه الترمذي (٣٦٦٢)، وابن ماجه (٩٧)، وأحمد (٢٣٢٤٥)، وصحَّحه الألباني في صحيح الترمذي.
(٢) رواه أبو داود (٤٦٠٧)، وابن ماجه (٤٢)، والدارمي (٩٦)، وأحمد (١٧١٤٤)، وصحَّحه الألباني في صحيح أبي داود.