أئمة المذاهب
١٢٣٩ - مَذَاهِبُ الْأَئِمَّةِ تُؤخَذُ مِن أَقْوَالِهِمْ، وَأَمَّا أَفْعَالُهُم فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي فِعْلِ الْإِمَامِ أَحْمَد: هَل يُوخَذُ مِنْهُ مَذْهَبُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا؛ لِجَوَازِ الذَّنْبِ عَلَيْهِ، أَو أَنْ يَعْمَلَ بِخِلَافِ مُعْتَقَدِهِ أَو يَكُونُ عَمَلُهُ سَهْوًا أَو عَادَةً أَو تَقْلِيدًا.
وَالثَّانِي: بَل يُؤخَذُ مِنْهُ مَذْهَبُهُ؛ لِمَا عُرِفَ مِن تَقْوَى أَبِي عَبْدِ اللهِ وَوَرَعِهِ وَزُهْدِهِ.
ثُمَّ يُقَالُ: فِعْلُ الْأئِمَّةِ وَتَرْكُهُم يَنْقَسِمُ كَمَا تَنْقَسِمُ أَفْعَالُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: تَارَةً يَفْعَلُهُ عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ وَالتَّدَيُّنِ فَيَدُلّ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ عِنْدَهُ، وَأَمَّا رُجْحَانُهُ فَفِيهِ نَظَرٌ.
وَأَمَّا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ التَّعَبُّدِ فَفِي دَلَالَتِهِ الْوَجْهَانِ، فَعَلَى هَذَا مَا يُذْكَرُ عَنِ الْأَئِمَّةِ مِن أَنْوَاعِ التَّعَبُّدَاتِ والتزهدات والتورعات يَقِفُ عَلَى مُقَدِّمَاتٍ:
إحْدَاهَا: هَل يَعْتَقِدُ حُسْنَهَا بِحَيْثُ يَقُولُهُ ويُفْتِي بِهِ، أَو فَعَلَهُ بِلَا اعْتِقَادٍ لِذَلِكَ، بَل تَأَسّيًا بِغَيْرِهِ أَو نَاسِيًا؟
عَلَى الْوَجْهَيْنِ كَالْوَجْهَيْنِ فِي الْمُبَاحِ.
وَالثَّانِيَةُ: هَل فِيهِ إرَادَةٌ لَهَا تُوَافِق اعْتِقَادَهُ؟ فَكَثِيرًا مَا يَكُونُ طَبْعُ الرَّجُلِ يُخَالِفُ اعْتِقَادَهُ.
وَالثَّالِثَةُ: هَل يَرَى ذَلِكَ أَفْضَلَ مِن غَيْرِهِ، أَو يَفْعَلُ الْمَفْضُولَ لِأَغْرَاضٍ أخْرَى مُبَاحَةٍ؟ وَالْأَوَلُ أَرْجَحُ.
وَالرَّابِعَةُ: أَنَّ ذَلِكَ الرُّجْحَانَ هَل هُوَ مُطْلَقٌ، أَو فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ؟ وَاللهُ أَعْلَمُ. ١٩/ ١٥١ - ١٥٢
١٢٤٠ - الْمُنْحَرِفُونَ مِن أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ انْحِرَافُهُم أَنْوَاعٌ: أَحَدُهَا: قَوْلٌ لَمْ يَقُلْهُ الْإِمَامُ وَلَا أَحَدٌ مِنَ الْمَعْرُوفَيْنِ مِن أَصْحَابِهِ بِالْعِلْمِ.