وَهُوَ عِنْدَ أَهْلِ الْكَلَامِ عِبَارَةٌ عَمَّا لَمْ يَزَلْ، أَو عَمَّا لَمْ يَسْبِقْهُ وُجُودُ غَيْرِهِ إنْ لَمْ يَكُن مَسْبُوقًا بِعَدَمِ نَفْسِهِ، وَيَجْعَلُونَهُ -إذَا أُرِيدَ بِهِ هَذَا- مِن بَابِ الْمَجَازِ.
وَلَفْظُ "الْمُحْدَثِ" فِي لُغَةِ الْقُرْآنِ يُقَابِلُ لِلَفْظِ "الْقَدِيمِ" فِي الْقُرْآنِ.
وَكَذَلِكَ لَفْظُ "الْكَلِمَةِ" فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ وَسَائِرِ لُغَةِ الْعَرَبِ إنَّمَا يُرَادُ بِهِ الْجُمْلَةُ التَّامَّةُ.
وَكَذَلِكَ لَفْظُ "ذَوِي الْأَرْحَامِ" فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يُرَادُ بِهِ الْأَقَارِبُ مِن جِهَةِ الْأَبَوَيْنِ، فَيَدْخُلُ فِيهِم الْعَصَبَةُ وَذَوُو الْفُرُوضِ، وَإِن شَمِلَ ذَلِكَ مَن لَا يَرِثُ بِفَرْضٍ وَلَا تَعْصِيبٍ، ثُمَّ صَارَ ذَلِكَ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ اسْمًا لِهَؤُلَاءِ دُونَ غَيْرِهِمْ؛ فَيَظنُّ مَن لَا يَعْرِفُ إلَّا ذَلِكَ أنَّ هَذَا هُوَ الْفرَادُ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي كَلَامِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَكَلَامِ الصَّحَابَةِ، وَنَظَائِرُ هَذَا كَثيرَةٌ.
وَلَفْظُ "التَّوَسُّلِ" و"الِاسْتِشْفَاعِ" ونَحْوِهِمَا دَخَلَ فِيهَا مِن تَغْيِيرِ لُغَةِ الرَّسُولِ وَأَصْحَابِهِ مَا أَوْجَبَ غَلَطَ مَن غَلِطَ عَلَيْهِم فِي دِينِهِمْ وَلُغَتِهِمْ.
وَالْعِلْمُ: يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ مُصَدَّقٍ، وَنَظَرٍ مَحْقُوقٍ (١).
وَالْمَنْقُولُ عَن السَّلَفِ وَالْعُلَمَاءِ يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةٍ بِثُبُوتِ لَفْظِهِ وَمَعْرِفَةِ دَلَالَتِهِ، كَمَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ الْمَنْقُولِ عَن اللهِ وَرَسُولِهِ. ١/ ٢٤٥ - ٢٤٦
١٢٦٨ - قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّ الْجَسَدَ هُوَ الْبَدَنُ .. وَالْجَسَدُ أَيْضًا الزَّعْفَرَانُ وَنحْوُهُ مِن الصَّبْغِ وَهُوَ الدَّمُ أَيْضًا.
فَلَيْسَ الْمُرَاد بِالْجَسَدِ فِي الْقُرْآنِ لَا هَذَا وَلَا هَذَا، فَلَيْسَ الْمُرَاد مِن الْعِجْلِ (٢) أَنَّ لَهُ بَدَنًا مِثْلُ بَدَنِ الْآدَمِيِّينَ، وَلَا بَدَنًا كَأَبْدَانِ الْبَقَرِ؛ فَإِنَّ الْعِجْلَ لَمْ يَكُن كَذَلِكَ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: جَسدَ بِهِ الدَّمُ، يَجْسَدُ جَسَدًا إذَا لَصِقَ بِهِ، فَهُوَ جَاسِدٌ وَجَسِدٌ.
(١) لعل الصواب: (محقق).
(٢) في قوله تعالى: {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ} الأعراف: ١٤٨.