وَهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي قَالُوهُ مَدْلُولٌ عَلَيْهِ بِآيَاتِ أُخَرٍ (١)، وَهُوَ مَعْلُومٌ بِالِاضْطِرَارِ مِن أمْرِ الرَّسُولِ، فَإِنَّ اللّهَ بَعَثَهُ مُبَلِّغَا وَمُذَكِّرًا لِجَمِيعِ الثَّقَلَيْنِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، لَكِنْ لَيْسَ هُوَ مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ، بَل مَعْنَى هَذ يُشْبِهُ قَوْلَهُ: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (٤٥)} ق: ٤٥، وَقَوْلَهُ: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (٤٥)} النازعات: ٤٥.
وقَوْله: {تَقِيكُمُ الْحَرَّ} النحل: ٨١، عَلَى بَابِهِ، وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ ذِكْرُ الْبَرْدِ، وإِنَّمَا يَقُولُ: "إنَّ الْمَعْطُوفَ مَحْذُوفٌ" هُوَ الْفَرَّاءُ وَأَمْثَالُهُ، مِمَن أَنْكَرَ عَلَيْهِم الْأَئِمَّةُ، حَيْثُ يُفَسِّرُونَ الْقُرْآنَ بِمُجَرَّدِ ظَنِّهِمْ وَفَهْمِهِمْ لِنَوْعٍ مِن عِلْمِ الْعَرَبِيَّةِ عِنْدَهُمْ. وَكَثِيرًا لَا يَكُونُ مَا فَسَّرُوا بِهِ مُطَابِقًا، وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذِكْرِ الْبَرْدِ. ١٦/ ١٥٤ - ١٦٤
١٢٧٩ - التَّقْدِيمُ وَالتَّأخِيرُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ؛ فَالْأَصْلُ إقْرَارُ الْكَلَامِ عَلَى نَظْمِهِ وَتَرْتيبِهِ، لا تَغْيِيرُ تَرْتِيبِهِ.
ثُمَّ إنَّمَا يَجُوزُ فِيهِ التَّقْدِيمُ وَالتَّأخِيرُ مَعَ الْقَرِينَةِ أَمَّا مَعَ اللَّبْسِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَلْتَبِسُ عَلَى الْمُخَاطَبِ. ١٦/ ٢١٨
١٢٨٠ - إِنَّ حَرْفَ الِاسْتِفْهَامِ إذَا دَخَلَ عَلَى حَرْفِ النَّفْيِ كَانَ تَقْرِيرًا؛ كَقَوْلِهِ: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١)} الشرح: ١. ١٦/ ٣٤٠
١٢٨١ - الِاسْمُ "الصَّمَدُ" فِيهِ لِلسَّلَفِ أَقْوَالٌ مُتَعَدِّدَةٌ قَد يُظَنُّ أَنَّهَا مُخْتَلِفَة؛ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ بَل كُلُّهَا صَوَابٌ، وَالْمَشْهُورُ مِنْهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الصَّمَدَ هُوَ الَّذِي لَا جَوْفَ لَهُ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ السَّيّدُ الَّذِي يُصْمَدُ إلَيْهِ فِي الْحَوَائِجِ.
قَالَ الشَّعْبِيُّ: هُوَ الَّذِي لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ، وَعَن مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ القرظي وَعِكْرِمَةَ: هُوَ الَّذِي لَا يَخْرُجُ مِنْهُ شَيءٌ، وَعَن مَيْسَرَةَ قَالَ: هُوَ الْمُصْمَتُ.
(١) فالآيات الأخرى صريحة بوجوب التبليغ، ودعوة جميع الناس، من ينتفع بالذكرى ومن لا ينتفع.