القرآن وعلومه
(الِاخْتِلَافُ نَوْعَانِ: اخْتِلَافٌ فِي تَنْزِيلِهِ وَاخْتِلَافٌ فِي تَأْوِيلِهِ)
١٣٢٥ - قَاعِدَة فِي الْقُرْآنِ وَكَلَامِ اللهِ:
الِاخْتِلَافُ نَوْعَانِ: اخْتِلَافٌ فِي تَنْزِيلِهِ وَاخْتِلَاف فِي تَأوِيلِهِ.
الِاخْتِلَافُ فِي تَنْزِيلِهِ: هُوَ بَيْنَ الْمُؤمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ، فَإِنَّ الْمُؤمِنِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أنْزِلَ، وَالْكَافِرُونَ كَفَروا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلَ اللهُ بِهِ رُسُلَهُ.
وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ أَرْسَلَ الرُّسُلَ إلَى النَّاسِ لِتُبلّغَهُم كَلَامَ اللهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ إلَيْهِمْ، فَمَن آمنَ بِالرُّسُلِ آمَنَ بِمَا بَلَّغُوهُ عَن اللهِ، وَمَن كَذَّبَ بِالرُّسُلِ كَذَّبَ بِذَلِكَ.
فَالْإِيمَانُ بِكَلَامِ اللهِ دَاخِل فِي الْإِيمَانِ بِرِسَالَةِ اللهِ إلَى عِبَادِهِ، وَالْكُفْرُ بِذَلِكَ هُوَ الْكُفْرُ بِهَذَا، فَتَدَبَّرْ هَذَا الْأَصْلَ فَإِنَّهُ فُرْقَان هَذَا الِاشْتِبَاهِ.
وَالْإِيمَان بِالرُّسُلِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ جَامِعًا عَامًّا مُؤْتَلِفًا لَا تَفْرِيقَ فِيهِ وَلَا تَبْعِيضَ وَلَا اخْتِلَافَ، بِأنْ يُؤمِنَ بِجَمِيعِ الرُّسُلِ وَبِجَمِيعِ مَا انْزِلَ إلَيْهِمْ.
فَمَن آمَنَ بِبَعْضِ الرُّسُلِ وَكَفَرَ بِبَعْضٍ أَو آمنَ بِبَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ وَكَفَرَ بِبَعْضٍ فَهُوَ كَافِر.
فَصْل
التَّفْرِيقُ وَالتَّبْعِيض قَد يَكُونُ فِي الْقَدْرِ تَارَةً، وَقَد يَكُونُ فِي الْوَصْفِ، إمَّا فِي الْكَمّ وَإِمَّا فِي الْكَيْفِ، كَمَا قَد يَكُونُ فِي التّنزِيلِ تَارَةً، وَفِي التَّأوِيلِ أُخْرَى.
فَمَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى رُسُلِهِ قَد يَقَعُ التَّفْرِيقُ وَالتَّبْعِيضُ فِي قَدْرِهِ، وَقَد يَقَعُ فِي وَصْفِهِ.