وَالتَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّ الرَّبَّ -سبحانه وتعالي- هُوَ الْمَالِكُ وَفِيهِ أَيْضًا مَعْنَى الرُّبُوبِيَّةِ وَالْإِصْلَاحِ، وَالْمَالِكُ: الَّذِي يَتَصَرَّفُ فِي مُلْكهِ كَمَا يَشَاءُ. ١/ ٨٩
* * *
أنواع الشرك
١٧٣ - الشِّرْكُ إنْ كَانَ شِرْكًا: يَكْفُرُ بِهِ صَاحِبُهُ، وَهُوَ نَوْعَانِ:
أ- شِرْكٌ فِي الْإِلَهِيَّةِ.
ب- وَشِرْكٌ فِي الرُّبُوبِيَّةِ.
فَأَمَّا الشِّرْكُ فِي الْإِلَهِيَّةِ: فَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ للهِ نِدًّا؛ أَيْ: مِثْلًا فِي عِبَادَتِهِ أَو مَحَبَّتِهِ أَو خَوْفِهِ أَو رَجَائِهِ أَو إنَابَتِهِ، فَهَذَا هُوَ الشِّرْكُ الَّذِي لَا يَغْفِرُهُ اللهُ إلَّا بِالتَوْبَةِ مِنْهُ، قَالَ تَعَالَى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} الأنفال: ٣٨، وَهَذَا هُوَ الَّذِي قَاتَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مُشْرِكِي الْعَرَبِ لِأَنَّهُم أَشْرَكُوا فِي الْإِلَهِيَّةِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} الآيَة البقرة: ١٦٥ {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} الزمر: ٣.
وَأَمَّا الرُّبوبِيَّةُ فَكَانُوا مُقِرّينَ بِهَا، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} العنكبوت: ٦١.
وَمَا اعْتَقَدَ أَحَدٌ مِنْهُم قَطُّ أَنَّ الْأَصْنَامَ هِيَ الَّتِي تُنْزِلُ الْغَيْثَ، وَتَرْزقُ الْعَالَمَ وَتُدَبّرُهُ (١).
وَإِنَّمَا كَانَ شِرْكُهُم كَمَا ذَكَرْنَا: اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُم كَحُبِّ اللهِ، وَهَذَا الْمَعْنَى يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَن أَحَبَّ شَيْئًا مِن دُونِ اللهِ كَمَا يُحِبّ اللهَ
(١) وعلى هذا: فالرفضة اليوم أشد شركًا من الكفار والمشركين الأولين، فهم يعتقدون أن الأئمة ترزق وتتصرف في الكون، وبيدهم مقاليد الأمر، والحساب والجنة والنار، وصرحوا بذلك في كتبهم وعلى لسان مشايخهم وعوامهم.