لَهُم أَلْفَاظَهُ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} النحل: ٤٤ يَتَنَاوَلُ هَذَا وَهَذَا. ١٣/ ٣٣١
١٣٤٨ - مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ وَالْحَدِيثَ إذَا عُرِفَ تَفْسِيرُهُ مِن جِهَةِ النَّبِى - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يُحْتَجْ فِي ذَلِكَ إلَى أَقْوَالِ أَهْلِ اللُّغَةِ. ١٣/ ٢٧
١٣٤٩ - مِن الْأُصُولِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا بَيْنَ الصحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُم بِإِحْسَان أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِن أَحَدٍ قَطُّ أَنْ يُعَارِضَ الْقُرآنَ لَا بِرَأيِهِ وَلَا ذَوْقِهِ وَلَا مَعْقُولِهِ وَلَا قِيَاسِهِ وَلَا وَجْدِهِ.
وَلهَذَا لَا يُوجَدُ فِي كَلَامِ أَحَد مِن السَّلَفِ أَنَّهُ عَارَضَ الْقُرْآنَ بِعَقْل وَرَايٍ وَقِيَاسٍ، وَلَا بِذَوْقٍ وَوَجْدٍ وَمُكَاشَفَة، وَلَا قَالَ قَطُّ: قَد تَعَارَضَ فِي هَذَا الْعَقْلُ وَالنَّقْلُ، فَضْلًا عَن أَنْ يَقُولَ: فَيَجِبُ تَقْدِيمُ الْعَقْلِ.
وَالنَّقْلُ -يَعْنِي الْقُرْآنَ وَالْحَدِيثَ وَأَقْوَالَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ-: إمَّا أَنْ يُفَوَّضَ وَإِمَّا أَنْ يُؤَوَّلَ.
وَلَمْ يَكُنِ السَّلَفُ يَقْبَلُونَ مُعَارَضَةَ الآيَةِ إلَّا بِآيةٍ أُخْرَى تُفَسّرُهَا وَتَنْسَخُهَا؛ أَو بِسُنَّةِ الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم - تُفَسرهَا.
فَإِنَّ سُنَّةَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - تبيّنُ الْقُرْآنَ وَتَدُلُّ عَلَيْهِ وَتُعَبِّرُ عَنْهُ، وَكَانُوا يُسَمُّونَ مَا عَارَضَ الْآيَةَ نَاسِخًا لَهَا، فَالنَّسْخُ عِنْدَهُم اسْمٌ عَام لِكُلِّ مَا يَرْفَعُ دَلَالَةَ الْآيَةِ عَلَى مَعْنًى بَاطِل، وَإِن كَانَ ذَلِكَ الْمَعْنَى لَمْ يُرَدْ بِهَا، وَإِن كَانَ لَا يَدُلّ عَلَيْهِ ظَاهِر الْآيَةِ، بَل قَد لَا يُفْهَمُ مِنْهَا وَقَد فَهِمَهُ مِنْهَا قَوْمٌ؛ فَيُسَمُّونَ مَا رَفَعَ ذَلِكَ الْإِبْهَامَ وَالْإِفْهَامَ نَسْخًا، وَهَذِهِ التَّسْمِيَةُ لَا تُؤْخَذُ عَن كُلِّ وَاحِد مِنْهمْ.
وَكَانَتِ الْبِدَعُ الْأُولَى مِثْلُ بِدْعَة الْخَوَارج إنَّمَا هِيَ مِن سُوءِ فَهْمِهِمْ لِلْقُرْآنِ، لَمْ يَقْصِدُوا مُعَارَضتَهُ، لَكِنْ فَهِمُوا مِنْهُ مَا لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ (١). ١٣/ ٢٨ - ٣٠
* * *
(١) فلذا يجب الرجوع لفهم سلف الأمة للقرآن، ولا يجوز لمن بعدهم تفسيره بحسب ما ظهر لهم =