أثْنَائِهَا، وَقَالَ: إنِّي لَأَدْخلُ فِي الصَّلَاةِ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُطِيلَهَا فَاسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِي فَأخَفِّف لِمَا أَعْلَمُ مِن وَجْدِ أمِّهِ بِهِ.
وَأَمَّا "الْقِرَاءَةُ بِأوَاخِرِ السُّوَرِ وَأَوْسَاطِهَا" فَلَمْ يَكُن غَالِبًا عَلَيْهِم؛ وَلهَذَا يُتَوَرَّعُ فِي كَرَاهَةِ ذَلِكَ، وَفيهِ النّزَاعُ الْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ، وَمِن أَعْدَلِ الأقْوَالِ: قَوْلُ مَن قَالَ: يُكْرَهُ اعْتِيَادُ ذَلِكَ دُونَ فِعْلِهِ أَحْيَانًا؛ لِئَلَّا يَخْرُجَ عَمَّا مَضَتْ بِهِ السُّنَّةُ وَعَادَةُ السَّلَفِ مِن الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا التَّحْزِيبَ وَالتَّجْزِئَةَ فِيهِ مُخَالَفَةُ السُّنَّةِ أَعْظَمُ مِمَّا فِي قِرَاءَةِ آخِرِ السُّورَةِ وَوَسَطِهَا فِي الصَّلَاةِ.
وَبِكُلِّ حَالٍ فَلَا ريبَ أَنَّ التَّجْزِئَةَ وَالتَّحْزِيبَ الْمُوَافِقَ لِمِا كَانَ هُوَ الْغَالِبُ عَلَى تِلَاوتهِمْ أَحْسَنَ.
والْمَقْصُودُ أَنَّ التَّحْزِيبَ بِالسُّورَةِ التَّامَّةِ أَوْلَى مِن التَّحْزِيبِ بِالتَّجْزِئَةِ. ١٣/ ٤٠٥ - ٤١٢
* * *
١٣٦٠ - وَسُئِلَ -رَحِمَه اللهُ-: عَن جَمَاعَةٍ اجْتَمَعُوا فِي خَتْمَةٍ وَهُم يَقْرَؤُونَ لِعَاصِمِ وَأَبِي عَمْرٍو فَإِذَا وَصَلُوا إلَى سُورَةِ الضُّحَى لَمْ يُهَلِّلُوا وَلَمْ يُكَبِّرُوا إلَى آخِرِ الْخَتْمَةِ، فَفِعْلُهُم ذَلِكَ هُوَ الْأَفْضَلُ أَمْ لَا؟
فَأجَابَ: إذَا قَرَؤُوا بِغَيْرِ حَرْفِ ابْنِ كَثِيرٍ كَانَ تَرْكُهُم لِذَلِكَ هُوَ الْأَفْضَلَ، بَل الْمَشْرُوعَ الْمَسْنُونَ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ الْأئِمَّةَ مِن الْقُراءِ لَمْ يَكُونُوا يُكَبرُونَ لَا فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ وَلَا فِي أَوَاخِرِهَا.
فَإِنْ جَازَ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إنَّ ابْنَ كَثِيرٍ نَقَلَ التَّكْبِيرَ (١) عَن رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-
(١) المراد به أن يقول القارئ: (الله أكبر) ثم يبسمل عقب كلّ سورة من قصار المفصل، ابتداء بسورة الضّحى إلى أن يختم القرآن.
قال ابن الجزريّ: اعْلَمْ أَنَّ التُّكْبِيرَ صَحَّ عِنْدَ أهْلِ مَكَّةَ قُرَّائِهِمْ وَعُلَمَائِهِمْ وَأئِمتِهِمْ، وَمَن رَوَى =