بَعْضُهُمْ، وَجَعَلُوا هَذَا مِن بَابِ التَّوَاضُعِ، وَجَعَلَ أَبُو حَامِدٍ هَذَا مِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى تَوَاضُعِ الْمُتَعَلِّمِ! وَلَيْسَ هَذَا بِشَيء؛ فَإِنَّ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ كَانَ يَقْرَؤُهَا عَلَى جِبْرِيلَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ كُلَّ عَام، فَإِنَّه هُوَ الَّذِي نَزَّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ، وَأَمَّا النَّاسُ فَمِنْهُ تَعَلَّمُوهُ، فَكَيْفَ يُصَحّحُ قِرَاءَتَهُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ أَوْ يَقْرَأ كَمَا يَقْرَأُ الْمُتَعَلِّم؟ وَلَكِنَّ قِرَاءَتَهُ عَلَى أُبيّ بْنِ كَعبٍ كَمَا كَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ عَلَى الْإِنْس وَالْجِنِّ، فَقَد قَرَأَ عَلَى الْجِن الْقُرْآنَ، وَكَانَ إذَا خَرَجَ إلَى النَّاسِ يَدْعُوهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ ويقْرَأ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنَ، وَيَقْرَؤُهُ عَلَى النَّاسِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِ الصلَاةِ. ١٦/ ٤٨١
١٣٧٧ - خُصَّ الْقُرْآنُ بِأَنَّهُ لَا يمَسُّ مُصْحَفُهُ إلَّا طَاهِر، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَنِ الصَّحَابَةِ -مِثْل سَعْدٍ وَسَلْمَانَ وَابْنِ عُمَرَ- وَجَمَاهِيرِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ الْفُقَهَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَمَضَتْ بِهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي كِتَابِهِ الَّذِي كَتَبَهُ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الَّذِي لَا رَيْبَ فِي أَنَّهُ كَتبهُ لَهُ، وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ كِتَابُ اللهِ.
وَكَذَلِكَ لَا يَقْرَأُ الْجُنُبُ الْقُرْآنَ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ الْفُقَهَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ كَمَا دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ السُّنَّةُ. ١٧/ ١٢
١٣٧٨ - الْقَوْل بِأنَّ كَلَامَ اللهِ بَعْضُهُ أَفْضَلُ مِن بَعْضٍ هُوَ الْقَوْلُ الْمَأثُور عَن السَّلَفِ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الْفُقَهَاءِ مِن الطَّوَائِفِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَكَلَامُ الْقَائِلِينَ بِذَلِكَ كَثِيرٌ مُنْتَشِر فِي كُتبٍ كَثِيرَةٍ. ١٧/ ١٣
وَفِي الْجُمْلَةِ: فَدَلَالَةُ النُّصُوصِ النَّبَوِيَّةِ وَالْآثَارِ السَّلَفِيَّةِ وَالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْحِجَجِ الْعَقْلِيَّةِ عَلَى أَنَّ كَلَامَ اللهِ بَعْضُهُ أَفْضَلُ مِن بَعْضٍ هُوَ مِن الدَّلَالَاتِ الظَّاهِرَةِ الْمَشْهُورَةِ. ١٧/ ٥٧
١٣٧٩ - مَن تَأَمَّلَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الْأَوَّلُونَ والآخرون فِي أُصُولِ الدّينِ وَالْعُلومِ الْإِلَهِيَّةِ، وَأُمُورِ الْمَعَادِ وَالنُّبُوَّاتِ، وَالْأَخْلَاقِ وَالسِّيَاسَاتِ وَالْعِبَادَاتِ، وَسَائِرِ مَا فِيهِ كَمَالُ النُّفُوسِ وَصَلَاحُهَا وَسَعَادَتُهَا وَنَجَاتُهَا: لَمْ يَجِدْ عِنْدَ الْأَوَّلينَ والآخرين مِن أَهْلِ النبوَّاتِ وَمِن أَهْلِ الرَّأيِ كالمتفلسفة وَغَيْرِهِمْ إلَّا بَعْضَ مَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ. ١٧/ ٤٥