ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مِنَ النَّاسِ مَن يَعْرِفُهَا، فَلَيْسَتْ مُشْتَبِهَةً عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ، بَل عَلَى بَعْضِهِمْ، بِخِلَافِ مَا لَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلَّا اللهُ، فَإِنَّ النَّاسَ كُلَّهُم مُشْتَرِكُونَ فِي عَدَمِ الْعِلْمِ بِتَأْوِيلِهِ (١). ١٧/ ٣٨١ - ٣٨٥
١٣٨٣ - لَفْظُ "آلِ فُلَانٍ" إذَا أُطْلِقَ فِي الْكِتَاب وَالسُّنَّةِ دَخَلَ فِيهِ "فُلَان" كَمَا فِي قَوْلِهِ: {إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} القمر: ٣٤ (٢).
وَكَذَلِكَ لَفْظُ: "أَهْلِ الْبَيْتِ" كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ} فَإِنَّ إبْرَاهِيمَ دَاخِلٌ فِيهِمْ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ لَفْظَ "الْآلِ" أَصْلُهُ (أَوَل) تَحَرَّكَتِ الْوَاوُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا فَقُلِبَتْ أَلِفًا، فَقِيلَ: آلُ، وَمِثْلُهُ: بَابٌ وَنَابٌ، وَفِي الْأَفْعَالِ: قَالَ وَعَادَ، وَنَحْو ذَلِكَ.
وَمَن قَالَ: أَصْلُهُ (أَهْلُ) فَقُلِبَتِ الْهَاءُ أَلِفًا فَقَد غَلِطَ؛ فَإِنَّهُ قَالَ مَا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَادَّعَى الْقَلْبَ الشَّاذَّ بِغَيْرِ حُجَّةٍ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِلْأَصْلِ.
فَفِي ذَلِكَ بَيَانُ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى سَائِرِ الْآلِ إنَّمَا طُلِبَتْ تَبَعًا لَهُ، وَأَنَّهُ هُوَ الْأَصْلُ الَّذِي بِسَبَبِهِ طُلِبَتِ الصَّلَاةُ عَلَى آلِهِ.
وَهَذَا يَتِمُّ بِجَوَابِ السُّؤَالِ الْمَشْهُورِ: وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ: "كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ" يُشْعِرُ بِفَضِيلَةِ إبْرَاهِيمَ، لِأَنَّ الْمُشَبَّهَ دُونَ الْمُشَبَّهِ بِهِ.
(١) الخلاصة: أنّ التشابه له ثلاث معانٍ:
الأول: التشابه العام، وهو أن القرآن متفق غير مختلف، يُصدق بعضه بعضًا.
الثاني: التشابه الخاص، وهو ما استاثر الله بعلمه، كوقت الساعة، والعلم بكيفية صفات الله ونحو ذلك، ويراد به كذلك أن يكون معنى الآية مشتبهًا خفيًّا بحيث يتوهم منه الواهم ما لا يليق بالله تعالى، أو كتابه أو رسوله، ويفهم منه العالم الراسخ في العلم خلاف ذلك.
الثالث: التشابه الإِضَافِيُّ، (وهو الذي اشتبه على بعض الناس دون بعض) وَاِن كَانَ فِي نَفْسِهِ مُتَمَيِّزًا مُنْفَصِلًا بَعْضُهُ عَن بَعْضٍ.
(٢) فلوط داخل في الآل.