والمعاد وإثبات الصانع والرد على الكفار، وهذا المعنى أليق بالمقصود من فرع عملي، وهو حكم مس المحدث المصحف.
فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية -قدَّس الله روحه- يقول: لكن تدل الآية بإشارتها على أنه لا يمس المصحف إِلَّا طاهر؛ لأنه إذا كانت تلك الصحف لا يمسها إِلَّا المطهرون لكرامتها على اللّه؛ فهذه الصحف أولى أن لا يمسها إِلَّا طاهر.
وسمعته يقول في قول النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة ولا كلب" (١) إذا كانت الملائكة المخلوقون يمنعها الكلب والصورة عن دخول البيت فكيف تلج معرفة اللّه - عَزَّ وَجَلَّ - ومحبته وحلاوة ذكره والأنس بقربه في قلب ممتلئ بكلاب الشهوات وصورها؛ فهذا من إشارة اللفظ الصحيحة. المستدرك ١/ ١٦٩ - ١٧١
* * *
(آيَاتُه سُبْحَانَهُ تُوجِبُ شَيْئَيْنِ .. )
١٤١٥ - آيَاتُهُ سُبْحَانَهُ تُوجِبُ شَيْئَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: فَهْمَهَا وَتَدَبُّرَهَا لِيُعْلَمَ مَا تَضَمَّنَتْهُ.
وَالثَّانِي: عِبَادَتَهُ وَالْخُضُوعَ لَهُ إذَا سُمِعَتْ.
فَتِلَاوَتُهُ إيَّاهَا وَسَمَاعُهَا يُوجِبُ هَذَا وَهَذَا، فَلَو سَمِعَهَا السَّامِعُ وَلَمْ يَفْهَمْهَا كَانَ مَذْمُومًا، وَلَو فَهِمَهَا وَلَمْ يَعْمَلْ بِمَا فِيهَا كَانَ مَذْمُومًا، بَل لَا بُدَّ لِكُلِّ أَحَدٍ عِنْدَ سَمَاعِهَا مِن فَهْمِهَا وَالْعَمَلِ بِهَا (٢). ٢٣/ ١٤٧
* * *
(١) رواه البخاري (٣٢٢٥)، ومسلم (٢١٠٦).
(٢) إن القرآن لم يُنزل لأجل التلاوة المجردة، بل أنزل لحكم عظيمة، ومقاصد نبيلة، وكثير من الناس يتطلب ختم القرآن دون فهمه وتدبره والعمل به، وليس هذا من فعل السلف الصالح، =