سورة آل عمران
١٤٥٠ - قَوْلُهُ تعالى: {اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا} آل عمران: ١٤٧ قِيلَ: إنَّ الذنُوبَ هِيَ الصَّغَائِرُ، وَالْإِسْرَافُ هُوَ الْكَبَائِرُ.
وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الذُّنُوبَ اسْمُ جِنْسٍ، وَالْإِسْرَافَ تَعَدِّي الْحَدِّ وَمُجَاوَزَةُ الْقَصْدِ، كَمَا فِي لَفْظِ الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ فَالذُّنُوبُ كَالْإِثْمِ وَالْإِسْرَافُ كَالْعُدْوَانِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: {غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ} الأنعام: ١٤٥ وَمُجَاوَزَةُ قَدْرِ الْحَاجَةِ.
فَالذُّنُوبُ مِثْلُ اتبَاعِ الْهَوَى بِغَيْرِ هُدًى مِن اللهِ، فَهَذَا كُلُّة ذَنْبٌ؛ كَاَلَّذِي يَرْضَا لِنَفْسِهِ ويغْضَبُ لِنَفْسِهِ، فَهُوَ مُتَّبع لِهَوَاهُ.
وَالْإِسْرَافُ كَاَلَّذِي يَغْضَبُ للهِ فَيُعَاقِبُ بِأَكْثَرَ مِمَّا أَمَرَ اللهُ. ١١/ ٦٩٣ - ٦٩٤
١٤٥١ - قَالَ تَعَالَى: {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (٣) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ} آل عمران: ٣، ٤، قَالَ جَمَاهِيرُ الْمُفَسِّرِينَ: هُوَ الْقُرْآنُ. ١٣/ ٧
١٤٥٢ - قَوْله تَعَالَى: {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} آل عمران: ٧ فِي الْمُتَشَابِهَاتِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا آيَات بِعَيْنِهَا تتشَابَهُ عَلَى كُلِّ النَّاسِ.
والثَّانِي: -وَهُوَ الصَّحِيحُ- أَنَّ التَّشَابُهَ أَمْرٌ نِسْبِي، فَقَد يَتَشَابَهُ عِنْدَ هَذَا مَا لَا يَتَشَابَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ، وَلَكِنْ ثَمَّ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ لَا تَشَابُهَ فِيهَا عَلَى أَحَدٍ، وَتلْكَ الْمُتَشَابِهَاتُ إذَا عُرِفَ مَعْنَاهَا صَارَتْ غَيْرَ مُتَشَابِهَةٍ؛ بَل الْقَوْلُ كُلُّهُ مُحْكَمٌ، كَمَا قَالَ: {أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ} هود: ١. ١٣/ ١٤٤
١٤٥٣ - قَوْله تَعَالَى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨)} آل عمران: ١٨ الشَّهَادَة تتضَمَّنُ كَلَامَ الشَّاهِدِ وَقَوْلَهُ وَخَبَرَهُ عَمَّا شَهِدَ بِهِ، وَهَذَا قَد يَكونُ مَعَ أَنَّ الشَّاهِدَ نَفْسَهُ يَتَكَلَّمُ بِذَلِكَ وَيَقُولُهُ وَيذْكُرُهُ وَإِن لَمْ يَكُن مُعْلِمًا بِهِ لِغَيْرِهِ وَلَا مُخْبِرًا بِهِ لِسِوَاهُ.