قِيلَ: هُوَ جَوَابُ السَّائِلِ، وَقَوْلُهُ {شَهِيدٌ} الأنعام: ١٩ خَبَرُ مُبْتَدَأِ: أَيْ هُوَ شَهِيدٌ.
وَقِيلَ: هُوَ مُبْتَدَأٌ، وَقَوْلُهُ: {شَهِيدٌ} الأنعام: ١٩ خَبَرُهُ؛ فَأَغْنَى ذَلِكَ عَن جَوَابِ الِاسْتِفْهَامِ.
والْأوَّلُ: عَلَى قِرَاءَةِ مَن يَقِفُ عَلَى قَوْله: {قُلِ اللَّهُ} الأنعام: ١٩.
والثَّانِي: عَلَى قِرَاءَةِ مَن لَا يَقِفُ، وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ؛ لَكِنَّ الثَّانِيَ أَحْسَنُ وَهُوَ أَتَمُّ.
وَذَلِكَ أَنَّ كَوْنَ اللهِ أكْبَرُ شَهَادَةَ هُوَ مَعْلُومٌ، وَلَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ: {أَكْبَرُ شَهَادَةً} بِخِلَافِ كَوْنِهِ شَهِيدًا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ؛ فَإِنَّ هَذَا مِمَّا يُعْلَمُ بِالنَّصِّ وَالِاسْتِدْلَالِ. ١٤/ ١٩٣ - ١٩٤
١٤٨٤ - قَالَ تَعَالَى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} الأنعام: ١٥١، فَهَذَا مُحَرَّمٌ مُطْلَقًا لَا يَجُوزُ مِنْهُ شَيْءٌ {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} الأنعام: ١٥١ فَهَذَا فِيهِ تَقْيِيد، فَإِنَّ الْوَالِدَ إذَا دَعَا الْوَلَدَ إلَى الشِّرْكِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطِيعَهُ، بَل لَهُ أَنْ يَأْمُرَهُ وينْهَاهُ، وَهَذَا الأمْرُ وَالنَّهْيُ لِلْوَالِدِ هُوَ مِن الْإحْسَانِ إلَيْهِ.
وَإِذَا كَانَ مُشْرِكًا: جَاز لِلْوَلَدِ قَتْلُهُ، وَفِي كَرَاهَتِهِ نِزَاعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ (١). ١٤/ ٤٧٧ - ٤٧٨
(١) جواز قتل الولد والده إذا كان مشركًا لا يكون إلا في حال الحرب والقتال.
ولا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ولا غيره من أهل العلم بجواز قتل الأبناء للآباء إذا كانوا مشركين من غير عدوان وبغي، فهذا لا يقوله، كيف وقد أمر الله تعالى بالإحسان إلى الآباء المشيركين، بل وإلى الذين جاهدوا على دعوة أبنائهم للشرك فقال تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} لقمان: ١٥.
قال شيخ الإسلام: فوصاه سبحانه بوالديه، ثم نهاه عن طاعتهما إذا جاهداه على الشرك، فكان في هذا بيان أنهما لا يطاعان في ذلك وإن جاهداه، وأمر مع ذلك {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} اهـ. جامع المسائل (٤/ ٢٧٥).
فبيَّن الشيخ أن المأمور به شركا صحبتهما في الدنيا بالمعروف ولم يقل القتل. =