ومِنْهَا: أَنَّ الْمَرْأَةَ قَد تَرْتَدِعُ بِذَلِكَ فَتَرْعَى حَقَّ زَوْجِهَا، إمَّا خَوْفًا وَإِمَّا رِعَايَةً لِحَقِّهِ، فَإِنَّهُ إذَا كَانَ الْمَمْلُوكُ يَمْتَنِعُ عَن هَذَا رِعَايَةً لِحَقِّ سَيِّدِهِ فَالْمَرْأَةُ أَوْلَى بِذَلِكَ.
وَفِي قَوْلِ يُوسُفَ: {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٣٣)} يوسف: ٣٣ عِبْرَتَانِ:
إحْدَاهُمَا: اخْتِيَارُ السَّجْنِ وَالْبَلَاءِ عَلَى الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي.
والثَّانِيَةُ: طَلَبُ سُؤَالِ اللهِ وَدُعَائِهِ أَنْ يُثَبِّتَ الْقَلْبَ عَلَى دِينِهِ ويصْرِفَة إلَى طَاعَتِهِ، وإِلَّا فَإِذَا لَمْ يُثَبِّتِ الْقَلْبَ صَبَا إلَى الْآمِرِينَ بِالذُّنُوبِ وَصَارَ مِن الْجَاهِلِينَ.
وَقَوْلُهُ: {ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ} يوسف: ٥٠: دَلَّ عَلَى أَنَّ هُنَاكَ كَيْدًا مِنْهُنَّ، وَقَد قَالَ لَهُنَّ الْمَلِكُ: {مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ} يوسف: ٥١ فَهُنَّ لَمْ يُرَاوِدْنَهُ لِأَنْفسِهِنَّ؛ إذ كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ مُمْكِنٍ وَهُوَ عِنْدَ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا وَتَحْتَ حِجْرِهَا؛ لَكِنْ قَد يَكُنَّ أَعَنَّ الْمَرْأَةَ عَلَى مَطْلُوبِهَا.
وَاخْتِيَارُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- لَهُ وَلأَهْلِهِ الِاحْتبَاسَ فِي شِعْبِ بَنِي هَاشِمٍ بِضْعَ سِنِينَ لَا يُبَايَعُونَ وَلَا يُشَارُونَ، وَصِبْيَانُهُم يَتَضَاغَوْنَ مِن الْجُوعِ، قَد هَجَرَهُم وَقَلَاهُم قَوْمُهُم وَغَيْرُ قَوْمِهِمْ، هَذَا أَكْمَلُ مِن حَالِ يُوسُفَ عليه السلام.
وَكَانَ كَذِبُ هَؤُلَاءِ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَعْظَمَ مِن الْكَذِبِ عَلَى يُوسُفَ؛ فَإِنَّهُم قَالوا: إنَّهُ سَاحِرٌ وَإِنَّهُ كَاهِنٌ وَإِنَّهُ مَجْنُونٌ. ١٥/ ١١١ - ١٣٥
١٥١٠ - فِي قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا} يوسف: ١١٠: قِرَاءَتَانِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ؛ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّثْقِيلِ، وَكَانَت عَائِشَةُ -رضي الله عنها- تَقْرَأُ بِالتّثقِيلِ وَتُنْكِرُ التَّخْفِيفَ.
وَالظَّنُّ لَا يُرَادُ بِهِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الِاعْتِقَادُ الرَّاجِحُ كَمَا هُوَ فِي