قال: ويدل على هذا وجوه:
منها: قَولُهُ تَعَالَى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} الإسراء: ٥٧.
أَي: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَعْبُدُونَهُمْ مِنْ دُوني هُمْ عِبَادِي كَمَا أَنْتُمْ عِبَادِي، وَيَرْجُونَ رَحْمَتِي ويخَافُونَ عَذَابِي، فَلِمَاذَا تَعْبُدُونَهُمْ مِنْ دُوني؟
الثاني: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمْ يَقُلْ: "لَابْتَغَوْا عَلَيْهِ سَبِيلًا"، بَلْ قَالَ: "لَابْتَغَوْا إِلَيْهِ سَبِيلًا" (١)، وَهَذَا اللَّفْظُ إِنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي التَّقَرُّبِ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} المائدة: ٣٥.
وَأَمَّا فِي الْمُغَالَبَةِ فَإنَّمَا يُسْتَعْمَلُ بِعَلَى؛ كَقَوْلِهِ: {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا} النساء: ٣٤ (٢). المستدرك ١/ ١٨٨
١٥١٨ - قَولُهُ: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (٣٢)} الإسراء: ٣٢، عَلَّلَ النَّهْيَ عَنْهُ بِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِن أَنَّهُ فَاحِشَةٌ وَأَنَّهُ سَاءَ سَبِيلًا، فَلَو كَانَ إنَّمَا صَارَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا بِالنَّهْيِ لَمَا صَحَّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ تَسْبِقُ الْمَعْلُولَ لَا تَتْبَعُهُ (٣). ١٥/ ٨ - ٩
١٥١٩ - قال تعالى: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (١٠٩)} الإسراء: ١٠٩، قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: أَوَّلُ مَا يَلْقَى الْأَرْضَ مِن الَّذِي يَخِرُّ قَبْلَ أَنْ يُصَوِّبَ جَبْهَتَهُ ذَقَنُهُ فَلِذَلِكَ قَالَ: {لِلْأَذْقَانِ} الإسراء: ١٠٩؛ أَيْ: عَلَى الْأَذْقَانِ، كَمَا قَالَ: {وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} الصافات: ١٠٣ أَيْ: عَلَى الْجَبِينِ.
وَقَوْلُهُ: {لِلْأَذْقَانِ} الإسراء: ١٠٧ يَدُلُّ عَلَى تَمَامِ السُّجُودِ، وَأَنَّهُم سَجَدُوا
(١) في الأصل: (لم يقل: {لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا} بل قال: (لابتغوا إليه سبيلًا)، والتصويب من الجواب الكافي.
(٢) الجواب الكافي (ص ٢٤٢)، هذه الوجوه غير موجودة في المجموع. (الجامع).
(٣) في هذا ردٌّ على مَن لا يُثْبِتُ لِلْأَفْعَالِ فِي نَفْسِهَا صِفَاتِ الْحُسْنِ وَالسُّوءِ.