سورة الشعراء
١٥٤٠ - ظَنَّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ سوَّالَ فِرْعَوْنَ: {وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} الشعراء: ٢٣ هُوَ سُؤَالٌ عَن مَاهِيَّةِ الرَّبِّ؛ كَاَلَّذِي يَسْألُ عَن حُدُودِ الْأَشْيَاءِ فَيَقُولُ: "مَا الْإنْسَانُ؟ مَا الْمَلَكُ؟ مَا الْجِنِّيُّ؟ " ونَحْو ذَلِكَ .. وَهَذَا قَوْلٌ قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأخِّرِينَ وَهُوَ بَاطِلٌ.
فَإنَّ فِرْعَوْنَ إنَّمَا اسْتَفْهَمَ اسْتِفْهَامَ إنْكَارٍ وَجَحْدٍ، لَمْ يَسْأَلْ عَن مَاهِيَّةِ رَبٍّ أَقَرَّ بِثُبُوتِهِ، بَل كَانَ مُنْكِرًا لَهُ جَاحِدًا، وَلهَذَا قَالَ فِي تَمَامِ الْكَلَام: {لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ} الشعراء: ٢٩، وَقَالَ: {وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} غافر: ٣٧.
فَاسْتِفْهَامُهُ كَانَ إنْكَارًا وَجَحْدًا، يَقُولُ: لَيْسَ لِلْعَالِمِينَ رَبٌّ يُرْسِلُك فَمَن هُوَ هَذَا؟ إنْكَارًا لَهُ. ١٦/ ٣٣٤
* * *
سورة النمل
١٥٤١ - قَالَ تَعَالَى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} النمل: ٦٥، هَذَا هُوَ الْغَيْبُ الْمُطْلَقُ عَن جَمِيعِ الْمَخْلُوقِينَ الَّذِي قَالَ فِيهِ: {فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} الجن: ٢٦.
وَالْغَيْبُ الْمُقَيَّدُ مَا عَلِمَهُ بَعْضُ الْمَخْلُوقَاتِ مِن الْمَلَائِكَةِ أَو الْجِن أَو الْإِنْسِ وَشَهِدُوهُ: فَإِنَّمَا هُوَ غَيْبٌ عَمَّن غَابَ عَنْهُ، لَيْسَ هُوَ غَيْبًا عَمَّن شَهِدَه، وَالنَّاسُ كُلُّهُم قَد يَغِيبُ عَن هَذَا مَا يَشْهَدُهُ هَذَا، فَيَكُونُ غَيْبًا مُقَيَّدًا؛ أَيْ: غَيْبًا عَمَّن غَابَ عَنْهُ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ، لَا عَمَّن شَهِدَهُ، لَيْسَ غَيْبًا مُطْلَقًا غَابَ عَن الْمَخْلُوقِينَ قَاطِبَةً. ١٦/ ١١١
١٥٤٢ - قَالَ تَعَالَى: {أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} النمل: ٦١؛ أَيْ: أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ