الدُّعَاءَ فِيهِ تَحْصِيلُ الْمَطْلُوبِ وَانْدِفَاعُ الْمَرْهُوبِ (١). ١/ ٧٨ - ٧٩، ٣٥٠
* * *
(نِعَمُ الدُّنْيَا بِدُونِ الدَّينِ هَل هِيَ مِن نِعَمِ الله؟)
١٨٨ - كُلَّمَا ازْدَادَ الْعَبْدُ عَمَلًا لِلْخَيْرِ: ازْدَادَ إيمَانُهُ، هَذَا هُوَ الْإِنْعَامُ الْحَقِيقِي، الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} الفاتحة: ٧، وَفِي قَوْلِهِ: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} النساء: ٦٩.
بَل نِعَمُ الدُّنْيَا بِدُونِ الدِّينِ هَل هِيَ مِن نِعَمِهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ لِلْعُلَمَاءِ مِن أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ.
وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّهَا نِعْمَة مِن وَجْهٍ، وَإِن لَمْ تَكُنْ نِعْمَةَ تَامَّةً مِن وَجْهٍ، وَأَمَّا الْإِنْعَامُ بِالدِّينِ الَّذِي يَنْبَغِي طَلَبُهُ فَهُوَ مَا أمَرَ اللهُ بِهِ مِن وَاجِبِ وَمُسْتَحَبٍّ، فَهُوَ الْخَيْرُ الَّذِي يَنْبَغِي طَلَبُهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ النعْمَة الْحَقِيقِيَّةُ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ. ١/ ١٣٣ - ١٣٤
* * *
(ثلاث قواعد في اتخاذ الْأَسْبَابِ)
١٨٩ - مَعَ عِلْمِ الْمُؤمِنِ أنَّ اللهَ رَبُّ كلِّ شيء وَمَلِيكُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُنْكِرُ مَا خَلَقَهُ اللهُ مِن الْأَسْبَابِ كَمَا جَعَلَ الْمَطَرَ سَبَبًا لِإِنْبَاتِ النَّبَاتِ .. وَكَمَا جَعَلَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ سَبَبًا لِمَا يَخْلُقُهُ بِهِمَا، وَكَمَا جَعَلَ الشَّفَاعَةَ وَالدُّعَاءَ سَبَبَا لِمَا يَقْضِيهِ بِذَلِكَ؛ مِثْلُ صَلَاةِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى جِنَازَةِ الْمَيِّتِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مِن الْأَسْبَابِ الَّتِي يَرْحَمُهُ اللهُ بِهَا وُيُثيبُ عَلَيْهَا الْمُصَلِّينَ عَلَيْهِ.
(١) وإما أن يقال: المراد بالحديث: أنه يُشرِك النبيَّ عليه الصلاة والسلام في كلِّ دعاء يدعوه، وإلا فإن من المعلوم أن الإنسان لو أخذ بظاهر الحديث لكان لا يقول: ربّ اغفر لي، ولا يقول: اللَّهُمَّ ارحمني، ولا يقول اللَّهُمَّ ارزقني، بل يقول: اللَّهُمَّ صلّ على محمد ويكفى الهمّ، وهذا خلافُ ما جاءت به الشريعة، والإنسانُ مأمورٌ أنْ يدعو لنفسه في السجود وفي الجلسة بين السجدتين وفي دعاء الاستفتاح على أحد الوجوه التي وردت فيه. لقاء الباب المفتوح للعلامة ابن عثيمين -رحمه الله-.