وَإِذَا عُرِفَ ذَلِكَ فَقَد يَكُونُ تَسْبِيحُ بَعْضِ النَّاسِ أَفْضَلَ مِن قِرَاءَةِ غَيْرِهِ، ويكُونُ قِرَاءَة بَعْضِ السُّوَرِ مِن بَعْضِ النَّاسِ أفْضَلَ مِن قِرَاءَةِ غَيْرِهِ لـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} وَغَيْرِهَا.
وَالْإِنْسَانُ الْوَاحِدُ يَخْتَلِفُ أَيْضًا حَالُهُ، فَقَد يَفْعَلُ الْعَمَلَ الْمَفْضُولَ عَلَى وَجْهٍ كَامِلٍ فَيَكُونُ بِهِ أَفْضَلَ مِن سَائِرِ أَعْمَالِهِ الْفَاضِلَةِ، وَقَد غَفَرَ اللهُ لِبَغِيٍّ لِسَقْيِهَا الْكَلْبَ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَهَذَا لِمَا حَصَلَ لَهَا فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ مِن الْأَعْمَالِ الْقَلْبِيَّةِ وَغَيْرِهَا.
فَإِذَا قِيلَ: إنَّ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} يَعْدِلُ ثَوَابُهَا ثَوَابَ ثُلُثِ الْقُرْآنِ فَلَا بُدَّ مِن اعْتِبَارِ التَمَاثُلِ فِي سَائِرِ الصّفَاتِ، وَإِلَّا فَإِذَا اعْتَبَرَ قِرَاءَةَ غَيْرِهَا مَعَ التَّدَبُّرِ وَالْخُشُوعِ بِقِرَاءَتِهَا مَعَ الْغَفْلَةِ وَالْجَهْلِ لَمْ يَكُن الْأَمْرُ كَذَلِكَ؛ بَل قَد يَكونُ قَوْلُ الْعَبْدِ: "سُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ للهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ" مَعَ حُضُورِ الْقَلْبِ وَاتِّصَافِهِ بِمَعَانِيهَا أَفْضَلَ مِن قِرَاءَةِ هَذِهِ السُّورَةِ مَعَ الْجَهْلِ وَالْغَفْلَةِ.
وَالنَّاسُ مُتَفَاضِلُونَ فِي فَهْمِ هَذ السُّورَةِ وَمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ، كَمَا أنَّهُم متَفَاضِلُونَ فِي فَهْمِ سَائِرِ الْقُرْآنِ. ١٧/ ١٣٩ - ١٤٠
١٦١٥ - سُورَةُ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} أَفْضَلُ مِن {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١)}، وَيلْكَ أَمْرٌ بِأنْ يُقَالَ: مَا هُوَ صِفَةُ الرَّبِّ، وَهَذِهِ أَمْرٌ بِأنْ يُقَالَ: مَا هُوَ إنْشَاءُ خَبَرٍ عَن تَوْحِيدِ الْعَبْدِ.
وَلهَذَا فُضِّلَتْ سُورَةُ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} وَجُعِلَتْ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ وَذِكْرُهُ مَحْضًا لَمْ تُشَبْ بِذِكْرِ غَيْرِهِ. ٢٢/ ٣٨٩ - ٣٩٠
* * *
سورة الفلق
١٦١٦ - قَالَ كَثِيرٌ مِن الْمُفَسّرِينَ: الْفَلَقُ الصُّبْحُ، فَإِنَّهُ يُقَالُ: هَذَا أَبْيَنُ مِن فَلَقِ الصُّبْحِ، وَفَرَقِ الصُّبْحِ.