يَذْكُرْهُ؛ بَل ذَكَرَ النَّاس؛ لِأَنَّهُم الْمُسْتَعِيذُونَ، فَيَسْتَعِيذُونَ بِرَبِهِم الَّذِي يَصُونُهُمْ، وَبِمَلِكِهِمْ الَّذِي أَمَرَهُم وَنَهَاهُمْ، وَبِإِلَاهِهِمْ الَّذِي يَعْبُدُونَهُ مِن شَرّ الَّذِي يَحُولُ بَيْنَهُم وَبَيْنَ عِبَادَتِهِ، ويسْتَعِيذُونَ أَيْضًا مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الَّذِي يَحْصُلُ فِي نُفُوسِ النَّاسِ مِنْهُم وَمِنَ الْجِنَّةِ، فَإِنَّهُ أَصْلُ الشَّرِّ الَّذِي يَصْدُرُ مِنْهُم وَاَلَّذِي يَرُدُّ عَلَيْهِمْ. ١٧/ ٥٠٩ - ٥١٨
* * *
(فصلٌ فِي آيَاتٍ ثَلَاثٍ مُتَنَاسِبَةٍ مُتَشَابِهَةِ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى)
١٦١٨ - فصلٌ فِي آياتٍ ثَلَاثٍ مُتَنَاسِبَةٍ مُتَشَابِهَةِ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى، يَخْفَى مَعْنَاهَا عَلَى أَكْثَرِ النَّاسِ:
أ - قَوْله تَعَالَى: {قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (٤١)} الحجر: ٤١.
ب- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ} النحل: ٩.
ج- وقَوْله تَعَالَى: {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (١٢)} الليل: ١٢.
قَوْله تَعَالَى: {قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (٤١)}. الْقَوْلُ الصَّوَابُ هُوَ قَوْلُ أَئِمَّةِ السَّلَفِ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَنَحْوِهِ (١): "الْحَقُّ يَرْجِعُ إلَيَّ وَعَلَيْهِ طَرِيقُهُ لَا يُعَرِّجُ عَلَى شَيءٍ".
وَمَا ذَكَرُوهُ عَن مُجَاهِدٍ ثَابِتٌ عَنْهُ.
وعَن ابْنِ أَبِي نَجِيح عَن مُجَاهِدٍ قَوْلُهُ: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ} قَالَ: طَرِيقُ الْحَقِّ عَلَى اللهِ.
(١) قال الشيخ: فَإنَّهُم أعْلَمُ بِمَعَانِي الْقُرْآنِ -لَا سِيَّمَا مُجَاهِدٌ- فَإِنَّهُ قَالَ: عَرَضْت الْمُصْحَفَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ مِن فَاتِحَتِهِ إلَى خَاتِمَتِهِ أقِفُهُ عِنْدَ كُل آيَةِ وَأسْألُهُ عَنْهَا.
وَقَالَ الثوْرِيُّ: إذَا جَاءَك التَّفْسِيرُ عَن مُجَاهِدٍ فَحَسْبُك بِهِ.
وَالْأئِمَّةُ كَالشافِعِيِّ وَأحْمَد وَالْبُخَارِيِّ وَنَحْوِهِمْ يَعْتَمِدُونَ عَلَى تَفْسِيرِهِ، وَالْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ أكْثَرُ مَا يَنْقُلُهُ مِن التَّفْسِيرِ يَنْقلُهُ عَنْهُ. اهـ. (٢٠١)