وَالْإِنْسَانُ مَتَى رَأَى أَو سَمِعَ أَو تَخَيَّلَ مَن يَفْعَلُ مَا يَشْتَهِيهِ كَانَ ذَلِكَ دَاعِيًا لَهُ إلَى الْفِعْلِ.
وَالنِّسَاءُ مَتَى رَأَيْنَ الْبَهَائِمَ تَنْزُو (١) الذُّكُورَ مِنْهَا عَلَى الْإِنَاثِ مِلْنَ إلَى الْبَاءَةِ وَالْمُجَامَعَةِ.
وَالرَّجُلُ إذَا سَمِعَ مَن يَفْعَلُ مَعَ المردان وَالنِّسَاءِ أَو رَأَى ذَلِكَ أَو تَخَيَّلَهُ فِي نَفْسِهِ دَعَاهُ ذَلِكَ إلَى الْفِعْلِ (٢).
وَإِذَا ذَكَرَ الْإِنْسَانُ طَعَامًا اشْتَهَاهُ وَمَالَ إلَيْهِ، وَإِن وُصِفَ لَهُ مَا يَشْتَهِيهِ مِن لِبَاسٍ أَو امْرَأَةٍ أَو مَسْكَنٍ أَو غَيْرِ ذَلِكَ مَالَتْ نَفْسُهُ إلَيْهِ.
وَالْغَرِيبُ عَن وَطَنِهِ مَتَى ذُكِّرَ بِالْوَطَنِ حَنَّ إلَيْهِ.
فَكُلَّمَا كَانَ فِي نَفْسِ الْإِنْسَانِ مَحَبَّتُهُ: إذَا تَصَوَّرَهُ تَحَرَّكَتْ الْمَحَبَّةُ وَالطَّلَبُ إلَى ذَلِكَ الْمَحْبُوبِ الْمَطْلُوبِ (٣).
فَالْمُبْتَلَى بِالْفَاحِشَةِ وَالْعِشْقِ إذَا ذَكَرَ مَا بِهِ لِغَيْرِهِ تَحَرَّكَتْ النُّفُوسُ إلَى جِنْسِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ مَجْبُولَةٌ عَلَى حُبِّ الصُّوَرِ الْجَمِيلَةِ، فَإِذَا تَصَوَّرَتْ جِنْسَ ذَلِكَ تَحَرَّكَتْ إلَى الْمَحْبُوبِ؛ وَلهَذَا نَهَى اللهُ عَن إشَاعَةِ الْفَاحِشَةِ. ١٤/ ٢٠٧ - ٢١٠
١٦٢٩ - مَا تَسْألُهُ طَائِفَةٌ مِن النَّاسِ، وَهُوَ أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لَا يَقْضِي اللهُ لِلْمُؤْمِنِ قَضَاءً إلَّا كانَ خَيْرًا لَه" (٤)، وَقَد قَضَى عَلَيْهِ بِالسَّيِّئاتِ الْمُوجِبَةِ لِلْعِقَابِ، فَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ خَيْرًا؟
(١) أي: تثب وتعلو.
(٢) فما بالك بمن يُشاهد أفلامًا إباحية من الشباب والفتيات والأطفال؟ كم ستحرقهم الشهوة، وتذهب بعقولهم وقلوبهم، ومثل هذه الأفلام مُتاحةٌ لكثير منهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي والشبكة العنكبويتة، فالواجب على الآباء العناية بأبنائهم، وحمايتهم منها.
(٣) فأعظم وسيلة لصيانة الإنسان من الفتن والشهوات المحرمة: قطع ذكرها وتخيلها ومشاهدتها، ومن ظن أنه مع كثرة المشاهدة والتخيل تخف وطأة الشهوة، فهو كمن ظن أنه كلما شرب من ماء البحر روي وانقطع عطشُه.
(٤) صحَّحه الألباني في السلسلة الصحيحة (١٤٨).