أ- إمَّا أَنَّ الشَّرْعَ دَلَّ عَلَيْهِ مِن حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ هَذَا النَّاظِرُ.
ب- أَو أَنَّهُ لَيْسَ بِمَصْلَحَةٍ وَإِن اعْتَقَدَهُ مَصْلَحَةً؛ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ هِيَ الْمَنْفَعَةُ الْحَاصِلَةُ أَو الْغَالِبَةُ.
وَكَثِيرًا مَا يَتَوَهَّمُ النَّاسُ أَنَّ الشَّيْءَ يَنْفَعُ فِي الدّينِ وَالدُّنْيَا، وَيَكُونُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ مَرْجُوحَةٌ بِالْمَضرَّةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ: {قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} البقرة: ٢١٩.
وَكَثِيرٌ مِمَّا ابْتَدَعَهُ النَّاسُ مِن الْعَقَائِدِ وَالْأَعْمَالِ مِن بِدَعِ أَهْلِ الْكَلَامِ وَأَهْلِ التَّصَوُّفِ وَأَهْلِ الرَّأيِ وَأَهْلِ الْمُلْكِ حَسِبُوهُ مَنْفَعَةً أَو مَصْلَحَةً نَافِعًا وَحَقًّا وَصَوَابًا وَلَمْ يَكُن كَذَلِكَ. ١١/ ٣٣٩ - ٣٤٥
١٨٥٣ - إِنَّ كَثِيرًا مِن نِزَاعِ الْعُقَلَاءِ لِكوْنِهِمْ لَا يَتَصَوَّرُونَ مَوْرِدَ النِّزَاعِ تَصَوُّرًا بَيِّنًا، وَكَثِيرٌ مِن النِّزَاعِ قَد يَكُونُ الصَّوَابُ فِيهِ فِي قَوْلٍ آخَرَ غَيْرِ الْقَوْلَيْنِ الَّلَذِينَ قَالَاهُمَا، وَكَثِيرٌ مِن النِّزَاعِ قَد يَكُونُ مَبْنِيًّا عَلَى أَصْلٍ ضَعِيفٍ إذَا بُيِّنَ فَسَادُهُ ارْتَفَعَ النِّزَاعُ. ١٢/ ٥٧
١٨٥٤ - الْعُلُومُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:
أ- مِنْهَا مَا لَا يُعْلَمُ إلَّا بِالْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ، وَأَحْسَنُ الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ الَّتِي بَيَّنَهَا الْقُرْآنُ، وَأَرْشَدَ إلَيْهَا الرَّسُولُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْرَفَ أَنَّ أَجَلَّ الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ وَأَكْمَلَهَا وَأَفْضَلَهَا مَأخُوذٌ عَن الرَّسُولِ.
فَإِنَّ مِن النَّاسِ مَن يُذْهَلُ عَن هَذَا، فَمِنْهُم مَن يَقْدَحُ فِي الدَّلَائِلِ الْعَقْلِيَّةِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ قَد صَارَ فِي ذِهْنِهِ أَنَّهَا هِيَ الْكَلَامُ الْمُبْتَدَعُ الَّذِي أَحْدَثَهُ مَن أَحْدَثَهُ مِن الْمُتَكَلِّمِينَ.
ب- وَمِنْهَا مَا لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُ الْأَنْبِيَاءِ إلَّا بِخَبَرِ الْأنْبِيَاءِ، وَخَبَرُهُم الْمُجَرَّدُ هُوَ دَلِيل سَمْعِيٌّ، مِثْل تَفَاصِيلِ مَا أَخْبَرُوا بِهِ مِن الْأُمُورِ الْإِلَهِيَّةِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْعَرْشِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَتَفَاصِيلِ مَا يُؤْمَرُ بِهِ وَيُنْهَى عَنْهُ.