وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكن مَقْصُودُهُ إلا طَلَبَ حَاجَتِهِ، لَمْ يَقْصِدْ نَفْعَ ذَلِكَ وَالْإِحْسَانَ إلَيْهِ: فَهَذَا لَيْسَ مِن الْمُقْتَدِينَ بِالرَّسُولِ، الْمُؤتَمِّينَ بِهِ فِي ذَلِكَ؛ بَل هَذَا هُوَ مِن السُّؤَالِ الْمَرْجُوحِ الَّذِي تَرْكُهُ إلَى الرَّغْبَةِ إلَى اللهِ وَرَسُولِهِ أَفْضَلُ مِن الرَّغْبَةِ إلَى الْمَخْلُوقِ وَسُؤَالِهِ.
١/ ١٨١ - ١٩٣
* * *
(حكم ومفاسد سُؤَالِ الْمَخْلُوقِينَ)
٢٠١ - إِنَّ سُؤَالَ الْمَخْلُوقِينَ فِيهِ ثَلَاثُ مَفَاسِدَ:
أ - مَفْسَدَةُ الِافْتِقَارِ إلَى غَيْرِ اللهِ وَهِيَ مِن نَوْعِ الشِّرْكِ.
ب- وَمَفْسَدَةُ إيذَاءِ الْمَسْؤُولِ وَهِيَ مِن نَوْعِ ظُلْمِ الْخَلْقِ.
ج- وَفِيهِ ذُلٌّ لِغَيْرِ اللهِ وَهُوَ ظُلْمٌ لِلنَّفْسِ.
فَهُوَ مُشْتَمِل عَلَى أنْوَاعِ الظُّلْمِ الثلَاثَةِ.
فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى أَمَرَ الْمُومِنِينَ بِعِبَادَتِهِ وَالْإِحْسَانِ إلَى عِبَادِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى} النساء: ٣٦، وَهَذَا أَمْرٌ بِمَعَالِي الْأخْلَاقِ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ يُحِبُّ مَعَالِيَ الْأَخْلَاقِ ويكْرَهُ سَفْسَافَهَا.
فَأَيْنَ الْإِحْسَانُ إلَى عِبَادِ اللهِ مِن إيذَائِهِمْ بِالسُّؤَالِ وَالشِّحَاذَةِ لَهُمْ؟
وَأَيْنَ التَّوْحِيدُ لِلْخَالِقِ بِالرَّغْبَةِ إلَيْهِ، وَالرَّجَاءِ لَهُ، وَالتَّوَكُلِ عَلَيْهِ، وَالْحُبِّ لَهُ، مِن الْإِشْرَاكِ بهِ بِالرَّغْبَةِ إلَى الْمَخْلُوقِ، وَالرَّجَاءِ لَهُ، وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ، وَأَنْ يُحَبَّ كَمَا يُحَبُّ الَلَّه؟
وَأَيْنَ صَلَاحُ الْعَبْدِ فِي عُبُودِيَّةِ اللهِ وَالذُّلِّ لَهُ، وَالِافْتِقَارِ إلَيْهِ، مِن فَسَاد فِي عُبُودِيَّةِ الْمَخْلُوقِ وَالذُّلِّ لَهُ وَالِافْتِقَارِ إلَيْهِ؟
١/ ١٩١ - ١٩٥
* * *