١٩٧٣ - لَفْظ الْقِيَاسِ لَفْظ مُجْمَلٌ يَدْخُلُ فِيهِ الْقِيَاسُ الصَّحِيحُ وَالْقِيَاسُ الْفَاسِدُ.
فَالْقِيَاسُ الصَّحِيحُ هُوَ الَّذِي وَرَدَتْ بِهِ الشَّرِيعَة، وَهُوَ:
أ- الْجَمْعُ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ.
ب- وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُخْتَلِفَيْنِ.
الْأوَّلُ: قِيَاسُ الطَّرْدِ.
وَالثَّانِي: قِيَاسُ الْعَكْسِ.
وَهُوَ مِنَ الْعَدْلِ الَّذِي بَعَثَ اللهُ بِهِ رَسُولَهُ.
فَالْقِيَاسُ الصَّحِيحُ مِثْل أَنْ تَكُونَ (١) الْعِلَّةُ الَّتِي عُلِّقَ بِهَا الْحُكْمُ فِي الْأَصْلِ مَوْجُودَةً فِي الْفَرْعِ مِن غَيْرِ مُعَارِضٍ فِي الْفَرْعِ يَمْنَعُ حُكْمَهَا، وَمِثْلُ هَذَا الْقِيَاسِ لَا تَأتِي الشَّرِيعَةُ بِخِلَافِهِ قَطُّ.
وَكَذَلِكَ الْقِيَاسُ بِإِلْغَاءِ الْفَارِقِ وَهُوَ: أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ فَرْقٌ مُؤَثِّرٌ فِي الشَّرْعِ، فَمِثْلُ هَذَا الْقِيَاسِ لَا تَأتِي الشَّرِيعَةُ بِخِلَافِهِ.
وَحَيْثُ جَاءَتِ الشَّرِيعَةُ بِاخْتِصَاصِ بَعْضِ الْأَنْوَاعِ بِحُكْمٍ يُفَارِقُ بِهِ نَظَائِرَة فَلَا بُدَّ أَنْ يَخْتَصَّ ذَلِكَ النَّوْعُ بِوَصْفٍ يُوجِبُ اخْتِصَاصَهُ بِالْحُكْمِ، ويمْنَعُ مُسَاوَاتَهُ لِغَيْرِهِ لَكِنَّ الْوَصْفَ الَّذِي اخْتَصَّ بِهِ، قَد يَظْهَرُ لِبَعْضِ النَّاسِ وَقَد لَا يَظْهَرُ، وَلَيْسَ مِن شَرْطِ الْقِيَاسِ الصَّحِيحِ الْمُعْتَدِلِ أَنْ يَعْلَمَ صِحَّتَهُ كُلُّ أَحَدٍ، فَمَن رَأَى شَيْئًا مِنَ الشَّرِيعَةِ مُخَالِفًا لِلْقِيَاسِ فَإِنَّمَا هُوَ مُخَالِفٌ لِلْقِيَاسِ الَّذِي انْعَقَدَ فِي نَفْسِهِ، لَيْسَ مُخَالِفًا لِلْقِيَاسِ الصَّحِيحِ الثَّابِتِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.
وَحَيْثُ عَلِمْنَا أَنَّ النَّصَّ جَاءَ بِخِلَافِ قِيَاسٍ: عَلِمْنَا قَطْعًا أَنَّهُ قِيَاسٌ فَاسِدٌ.
(١) في الأصل: (يَكُونَ)، والمثبت من كتب ورسائل وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٢٠/ ٥٠٥)، وهو أصوب.