نعم، قد يكون متَأوِّلًا في هذا الشرع فيُغفر له لأجل تأويله، إذا كان مجتهدًا الاجتهاد الذي يُعفى فيه عن المخطئ ويثاب أيضًا على اجتهاده، لكن لا يجوز اتباعه في ذلك، كما لا يجوز اتباع سائر من قال أو عمل قولًا أو عملًا قد عُلم الصواب في خلافه، وإن كان القائل أو الفاعل مأجورًا أو معذورًا. اقتضاء الصراط المستقيم: ٣٧١
١٩٨٨ - ذِكْرُ النَّاسِ بِمَا يَكْرَهُونَ هُوَ فِي الْأَصْلِ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: ذِكْرُ النَّوْعِ.
وَالثَّانِي: ذِكْرُ الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ الْحَيِّ أَو الْمَيِّتِ.
أَمَّا الْأَوَّلُ: فَكُلُّ صِنْفٍ ذَمَّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ يَجِبُ ذَمُّهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِن الْغِيبَةِ.
وَأَمَّا الشَّخْصُ الْمُعَيَّنُ: فَيُذْكَرُ مَا فِيهِ مِن الشَّرِّ فِي مَوَاضِعَ:
أ- مِنْهَا: الْمَظْلُومُ لَهُ أَنْ يَذْكُرَ ظَالِمَة بِمَا فِيهِ:
- إمَّا عَلَى وَجْهِ دَفْعِ ظُلْمِهِ وَاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ؛ كَمَا قَالَتْ هِنْدُ: يَا رَسُولَ اللهِ إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَأَنَّهُ لَيْسَ يُعْطِينِي مِن النَّفَقَةِ مَا يَكفِينِي وَوَلَدِي، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ" (١).
وَقَالَ تَعَالَى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} النساء: ١٤٨ (٢) وَقَد رُوِيَ: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ نَزَلَ بِقَوْم فَلَمْ يَقْرُوهُ.
(١) رواه البخاري (٥٣٦٤).
(٢) قال العلَّامة ابن عثيمين رحمه الله: يعني: فله أن يجهر بالسوء من القول لإزالة مظلمته.
ولكن هل يجوز مثل هذا إذا كان قصد الإنسان أن يخفف عليه وطأة الحزن والألم الذي في قلبه بحيث يحكي الحال التي حصلت على صديق له، وصديقه لا يمكن أن يزيل هذه المظلمة لكنه يفرج عنه أو لا؟
الظاهر: أنه يجوز؛ لعموم قوله تعالى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} وهذا يقع كثيرًا، كثيرًا ما يؤذي الإنسان، ويجني عليه بجحد مال أو أخذ مال، أو ما أشبه ذلك فيأتي الرجل إلى صديقه ويقول: فلان قال في كذا، يريد أن يخفف ما في قلبه من =